نستغرب من كمية الحقد التي صدرت بحق نبينا محمد صلوات الله عليه! نستغرب ونتساءل لماذا هذا الغل الدفين الذي ظهر بشكل بشع ومقيت متزايد الآن؟! وما الهدف منه؟! أهو بالفعل رد فعل على «حادثة فردية» تمثل جريمة مدانة، أم إن هذه الحادثة كانت بمثابة عاصفة قوية أزاحت الرمال عما تخفيه صدور هؤلاء بشأن الإسلام، وبشأن استماتتهم بربط الإرهاب به؟!

فبعد ما أقدم عليه الرئيس الفرنسي ماكرون من تصريحات مرفوضة ومدانة من قبل جميع المسلمين، ومن قبل عديد من الأشخاص من الديانات الأخرى الذين يرفضون المساس بالأنبياء والرسل، ومعاودة ماكرون إصراره على استمرار الإساءة لنبي الأمة، ظهرت حالات أخرى تسعى للتطاول على الرسول الكريم، حالات فردية في دول متفرقة، مثلما شاهدنا الفيديو الذي صور في لندن لامرأة تحمل رسماً كاريكاتورياً مهيناً للرسول ليتصدى لها شخص مسلم لم يتحمل الصمت والسكوت على فعل دنيء كفعلها.

طوال قرون عديدة حاول كثيرون الإساءة لنبينا صلوات الله عليه، لكن في عصرنا الحديث وصل أناس لمستوى متدن جداً، حينما يبررون النيل من رمز المسلمين الأول والتطاول عليه تحت ذريعة «حرية التعبير»، وهم مدركون تماماً بأنهم يستفزون كل المسلمين، بل ويثيرون «غثيان» كثير من البشر الذين يرفضون التعدي على الآخرين.

ما الذي فعله لكم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لتتطاولوا عليه هكذا؟! لتحاولوا شتمه وتصويره بأبشع الصور؟! رسولنا لم يهن أحداً في حياته، لم ينتقص من قدر إنسان، بل كان مصدراً لمكارم الأخلاق، حتى كفار قريش أنفسهم الذين يعادونه ويعبدون الأصنام كانوا يسمونه «الصادق الأمين» ويضعون أماناتهم عنده.

كمسلمين نستاء ونتضايق وتفور الدماء في عروقنا حينما يتعرض رسولنا لمحاولات كهذه لإهانة مكانته كرمز لديننا، فهو من علمنا أن نحسن للكافر قبل المسلم، أن نتعامل بإنسانية مع أهل الذمم، هو من علم المحاربين في غزواتهم بعدم التعرض لمن لا يعاديهم من رجال وقبلهم النساء والشيوخ والأطفال، وبألا تدمر الكنائس ودور العبادة ولا تحرق ولا تهان ويهان من فيها.

محمد يا من تكرهونه هو الإنسان الوحيد الذي من الاستحالة أن يكره أحداً من قبله أو بعده حتى لو تعرض للحرب والعداء، هو النبي الذي أُرسل «رحمة للعالمين» هو من جاء لـ«يتمم مكارم الأخلاق»، هو صاحب «حق الشفاعة» للناس، هو الذي رفض أن يطبق الله «الأخشبين» على الكفار بعدما آذوه، هو الذي يدعو بـ «الهداية» لكل الناس، علهم يجدون الإسلام الحقيقي ويعرفون تعاليمه السمحة.

إن كان من أقوام في الغرب ومن على شاكلة ماكرون يعتبرون الأنبياء «مادة للسخرية» ويقبلون بأن يفعل ذلك سواء برسولنا أو المسيح عيسى بن مريم عليه السلام أو بقية الرسل في المسلسلات والأفلام والرسوم، فإننا كمسلمين لا نقبل بأن يمس أنبياء الله بسوء، فعيسى نبي الله، مثلما محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.

محمد لم يفعل شراً أو سوءاً لهؤلاء المتعصبين الكارهين للإسلام وتعاليمه السمحة المسالمة وآدابه وأخلاقياته، سوى أنه بعد 14 قرناً من بعثته ترى أمته تتزايد وتتعاظم، وتعاليم الإسلام تنتشر، وأخلاقيات الإسلام وسيرة رسولنا العطرة جعلت كثيراً من العلماء والفلاسفة والشخصيات تسلم أو أقلها تقول كلمة ملؤها الاحترام في حق رسولنا الكريم.

إلا محمد، إلا أعظم البشر، إن قبلنا بأن يساء له وسكتنا، فعيب علينا أن نصف أنفسنا بالمسلمين وبـ «أمة محمد» وننتظر بعدها شفاعته يوم الدين.