الأول في مملكة البحرين صدور تقرير ديوان الرقابة المالية، والثاني صدور تقرير من هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية. في البحرين ضاعت علينا فرصة كان بإمكانها تعزيز سمعة البحرين في الإصلاحات السياسية، وكسبتها السعودية.

التقرير السعودي صرح مصدر مسؤول بالهيئة بأن الهيئة باشرت مؤخراً (123) قضية جنائية، وكان أبرز القضايا المعالجة وفق وكالة الأنباء «واس»

الخبر صدر من هيئة رسمية، وأعلن عنه عبر وسائل إعلام رسمية، فأخذته وكالات الأنباء، وتعاطت معه بجدية متبادلة وللدلالة على احترام «الدولة» لمؤسساتها وتنظيماتها وتشريعاتها.

ثانياً الخبر حفل بقرارات تنفيذية حاسمة لا تأرجح فيها تمثلت في إيقاف عن العمل لضباط ومهندسين وإيقاف ضابط برتبة فريق وإيقاف عضو في هيئة تدريس وإيقاف موظفين في المرور وفي إدارة المياه ووقف صك بيع عقار ووو.. بعدد 123 قضية وهذا طبعاً كان أحد التقارير وليس أولها.

رد فعل الرأي العام السعودي يمكن الاطلاع عليه من خلال المقالات الصحفية والافتتاحيات، ومن خلال حسابات التواصل الاجتماعي (الجيش الإلكتروني) ترك انطباعاً واضحاً خدم سمعة السعودية، وعمل على تعزيز الثقة بين السعوديين والدولة السعودية وبالاحتفاء بالجدية والحزم وبالمصداقية.

كتب سلمان الدوسري «لا صغير ولا كبير المعركة مستمرة والنفس طويل والغبي وحده من يظن أنه قادر على أن يستمر فساده ولن يقع تحت طائلة القانون».

وعلق سلمان بن حثيلين على كلمة سمو ولي العهد لرجال هيئة الرقابة ومكافحة الفساد «أنتم اليوم فرسان هذه المعركة الشرسة ضد الفساد لاستئصاله من وطننا الغالي» شعور عظيم عندما تكون بلادك مضرب المثال وأيقونة في مكافحة الفساد ينظر لها العالم ويتنمى حزماً كحزمها ضد الفساد والمفسدين».

استعرضت مثالين فقط من عشرات الأمثلة لتفاعل السعوديين في الصحافة ووسائل التواصل مع تقارير هيئة مكافحة الفساد في الصحافة وتصدر وسم #لا مكان_للفاسدين_بيننا الحسابات السعودية على تويتر.

النتيجة كسبت المملكة العربية السعودية لحمة وطنية تعززها دور الدولة في النزاهة والشفافية والمساواة أمام القانون، وكسب سمعة دولية في تقارير التنافسية ومكافحة الفساد.

يؤسفنا أن نقول إن التعاطي الشعبي مع تقرير ديوان الرقابة المالية في البحرين كان فاتراً جداً سواء في الصحافة أو في وسائل التواصل الاجتماعي والأسباب واضحة ومعروفة، رغم أن هناك تصريحات رسمية تؤكد على الجدية في التعاطي مع مواقع الهدر، ورغم تشكيل لجنة لدراسة الشبهات الجنائية قبل عدة أعوام، ورغم إحالة بعض الموظفين للنيابة وبعضهم نظرت المحاكم في قضاياهم، إلا أننا لم نر حدثاً قوياً يلفت الانتباه يمتحن «الجدية».

قضايا الفساد أو الإهدار موجودة في كل دولة في العالم ولكننا ننبه إلى أن موضوع «الجدية» في التصدي للفساد له مؤشراته أحدها الاستدامة فلا تكون الجدية (هبه) وتنطفي بسرعة، ومنها السرعة في البت في القرار، فلا لجان ولجان تنبع من اللجان، ولا جدل حول من يملك صلاحيات الإحالة للنيابة ولا قرار يلعب به كالكرة كل يلقيها على ملعب الآخر، والأهم المساواة في إنفاذ القانون فلا كبير ولا صغير، الجميع سواسية. وأخيراً التعاطي الإعلامي الجاد مع هذه القضايا، أخبار التقرير والإحالة من جهات معتمدة تأخذ عنها وكالات الأنباء والصحافة الأجنبية، حتى تكون للأخبار مصداقية مرجعية تمثل الجدية، وستجد بعدها التفاعل الشعبي مع تقارير الرقابة يحقق المطلوب من تلك التقارير، والأهم ستجد الإعلام الأجنبي يهتم بأدواتك الرقابية ويمنح إصلاحاتنا السياسية الانطباع الذي تستحقه.