ضجت الصحف المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي بمخالفات وملاحظات تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وكتب بالخط العريض «البحرين الأضعف خليجياً في الأمن الغذائي». حقيقةً، أنا مع أن يكون هناك تقرير سنوي يرصد رقابة الأداء في الجهات الحكومية بكل شفافية من أجل ترسيخ فعالية وكفاءة هذه الجهات والنهوض بأدائها. إلا أنني ضد أن تكون الحقائق ناقصة وأن يظهرها التقرير بنظرة تشاؤمية ويترك الجانب الإيجابي المشرق من الموضوع.

فلماذا ذكر تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية أن مملكة البحرين الأضعف خليجياً في الأمن الغذائي بنسبة 67% ولم يذكر أن الأمن الغذائي في مملكة البحرين قد تحسن وأن نسبة الأمن الغذائي قد ارتفعت بواقع نقطتين تقريباً حيث كانت 65% في سنة 2018، ووصلت إلى 67% في سنة 2019؟ ولماذا لم يذكر التقرير أن مملكة البحرين احتلت المرتبة الثامنة على المستوى الاقليمي «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» في المؤشر العام للأمن الغذائي؟ ولماذا لم يتطرق التقرير إلى أن مملكة البحرين حصلت على نسبة 100% في معيار وجود برامج شبكات الأمن الغذائي وجودتها و 100% في معيار سلامة الغذاء؟

إن مفهوم الأمن الغذائي متشعب جداً، فهو يرتكز على ثلاثة محاور أساسية هي: مدى توافر الغذاء، والقدرة على تحمل تكاليف الغذاء، وجودة وسلامة الغذاء. فمن المقاييس التي تدل على مستوى التقدم الذي وصلت إليه مملكة البحرين في الأمن الغذائي حصولها على مراتب متقدمة في مؤشر قدرة المواطنين على تحمل تكاليف الغذاء وأن تكون الأسعار في متناول الجميع. فقد علت البحرين لتحتل المرتبة الخامسة على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمرتبة 26 عالمياً في هذا المؤشر. مما يدل على حجم الإنجاز الذي وصلت إليه مملكة البحرين في هذا المضمار والذي يعد حافزًا للمملكة نحو تحقيق مزيد من التقدم في أمنها الغذائي.

فاليوم وخصوصاً بعد ما اجتاح فيروس «كورونا» العالم أصبح الأمن الغذائي هاجساً يؤرق حكومات العالم، وظهرت تحديات جديدة تهدد الأمن الغذائي في العالم، إلا أن مملكة البحرين وبفضل الخطة الاستراتيجية الوطنية الاستباقية للأمن الغذائي قد واجهت هذه التحديات بجدارة. فلقد أولى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظة الله ورعاه، أهمية كبيرة للأمن الغذائي البحريني، وأصدر جلالته توجيهاته بوضع وتنفيذ مشروع إستراتيجي للإنتاج الوطني للغذاء والذي يهدف إلى تطوير قطاع الزراعة والثروة السمكية بما فيه الاستزراع السمكي، ودعم وتمويل المزارعين والصيادين البحرينيين. وكذلك رعت صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، حفظها الله ورعاها، العديد من المبادرات الزراعية التي دعمت أهداف استراتيجية الأمن الغذائي كمعرض البحرين للحدائق وسوق المزارعين الدائم واللذين أسهما في احداث نقلة نوعية في قطاع الإنتاج الزراعي في البحرين.

على العموم، إن إظهار الجانب المشرق من الموضوع والابتعاد عن النظرة التشاؤمية التي قد تؤجج الشارع البحريني وتبث روح الذعر والخوف بين أوساط المجتمع في هذه الأوقات الحرجة يعد أحد ركائز إدارة الأزمات وجزءاً من التغلب عليها. فإدارة الأزمة ليست في الحد من انتشار هذا الوباء فحسب وإنما في الاستعداد لتداعياته السياسية والمجتمعية وضمان تضافر الشعب مع جهود الحكومة للوصول للغايات المنشودة.