صدقت توقعاتي التي أعلنتها الأسبوع الماضي بأن بايدن سيحسم السباق الرئاسي لصالحه على الرغم من أن الغالبية توقعوا العكس! فالمؤشرات التي تعطي الأفضلية لبايدن تم تجاهلها من قبل السواد الأعظم من المتابعين والكتاب والمحللين هنا في المنطقة بسبب رغبتهم الشديدة في فوز ترامب والتي أبعدتهم عن النظر للانتخابات الأمريكية في هذه المرحلة المغايرة والحساسة بعين حيادية.

وبلا شك أن ترامب، كان رئيساً استثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فهو رجل أعمال من خارج دائرة السياسيين وصناع القرار التقليدية وجاء باندفاع لإحداث تغير في الكثير من ثوابت أمريكا التي سارت عليها لعقود. وقد نجح بالفعل في إحداث هذا التغير، فلم يتحرج مثلاً من تسمية الأشياء بأسمائها مثل السياسيين الذين عادة ما يسعون أن يكونوا

Politically Correct أي يتلفظون بألفاظ حديثة مبتكرة فضفاضة كي لا يزعجوا الكتل الانتخابية ويتم اتهامهم بالعنصرية. فتحدث عن حرية الأديان وشجع على أن يظهر المرء معتقداته الدينية - و أولهم الرئيس نفسه - دون خوف أو تردد بعد أن مرت سنون والمواطن الأمريكي يخشى من ذلك خوفاً من نعته بالمتخلف. وتجرأ على الإعلام غير المحايد في أمريكا والذي تديره مصالح تجارية وحزبية بحتة، فكشف مدى التلاعب في نقل الأخبار وصياغتها وهذا ما لم يقم به أي رئيس من قبله.

ولم يتحرج كذلك من مواجهة المخاطر بطرق غير تقليدية، فتحدى الصين علناً وعمل على تغير تفوقها غير المنصف في الميزان التجاري بين البلدين وقام بنفس الفعل مع الاتحاد الأوروبي. كذلك، ألغى اتفاقيات كانت أمريكا طرفاً فيها مثل اتفاق 5+1 مع إيران واتفاقية المناخ، لأنهما يسببان ضرراً للمصالح الأمريكية. لكن، ومع كل ذلك، جاء فيروس كورونا ليهدم كل ما أنجزه ترامب تقريباً. فالنجاح الاقتصادي الأمريكي الذي تحقق خلال فترة رئاسته انهار مع انتشار الجائحة وعادت معدلات البطالة في الارتفاع الخيالي. وليس ذلك فحسب بل قضى الفيروس على 230 ألف أمريكي في فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز التسعة أشهر وأصاب 9 ملايين شخص. فهذا الفيروس قلب الموازين، وغير الأولويات.

وعندما ذهب الأمريكيون لصناديق الاقتراع، والجائحة مستمرة في فتكها، كانت الصحة همهم الأول ومن ثم الاقتصاد، وكلاهما كانا ومازلا في وضع خطير. والمعلوم أن ترامب تهاون في التصدي للجائحة واعتبرها أمراً لن يطول لكن حدث ما لم يكن في حسبانه.

نظريات المؤامرة تشير إلى أن الفيروس من فعل مختبرات إحدى الدول الآسيوية والوباء تم نشره للنيل من أمريكا ومن رئيسها المزعج، فهل تعرض ترامب فعلاً لمؤامرة؟ شخصياً، أصبحت لا أستبعد ذلك.