ها هو جو بايدن يفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات مقبلة، وبغض النظر عن ما صاحب انتخابات الرئاسة الأمريكية من كر وفر واتهامات متبادلة بين ترامب وبايدن، إلا أن الأخير هو رئيس البلاد الآن، وأعتقد من الواجب احترام ذلك وعدم الخوض في مزيد من التراشق الإعلامي بين مؤيد ومعارض له.

جو بايدن يأتي من حزب لم يكن سجله جيداً مع أغلب الدول العربية، وأعني الحزب الديمقراطي، ومعروف ما فعله آخر رئيس منتمٍ لذلك الحزب في المنطقة، ونحن في دول الخليج العربي والبحرين بالذات ندرك ذلك جيداً، خاصة في أزمة 2011، لذلك أعتقد أن بايدن مطالب بتصحيح تلك الصورة السيئة لحزبه، وتحديداً ما يتعلق بسياسة بلاده الخارجية، وعلى وجه الخصوص في المنطقة العربية، من حيث تعامله المدروس وبدقة مع بعض الملفات التي لطالما أثارت جدلاً كبيراً وأسالت الكثير من الحبر وعقدت لأجلها العديد من الاجتماعات، وأبرزها الملف النووي الإيراني، والعقوبات الأمريكية على إيران، والتدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية وتحديداً الجارة لها، وأيضاً التصدي لأطماع الإخوان المتأسلمين الذين علا نجمهم وسطع اسمهم بفضل دعم آخر رئيس من الحزب الديمقراطي لهم، فكل تلك الملفات أتوقع أن ينظر لها بايدن بدقة متناهية.

وبخصوص الإخوان وإيران ونظام الحمدين فهم ربما الأسعد بفوز بايدن برئاسة أمريكا، حيث يراودهم الأمل الكبير لأن تعود التسهيلات التي كانت تقدمها لهم الولايات المتحدة في المنطقة، من أجل بسط نفوذهم فيها وسيطرتهم عليها خاصة نظام إيران، ولكن عليهم أن يدركوا أن هناك لاعباً جديداً مؤثراً دخل إلى الساحة العربية، وهي دولة إسرائيل، لذلك لن تقدر تلك الأنظمة على التجول بحرية في المنطقة بوجود إسرائيل التي نعلم تأثيرها القوي في الولايات المتحدة وهذه الأخيرة تعتبر أمنها واستقرارها أولوية قصوى لأي رئيس أمريكي بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه.

لذلك الفرحة الهستيرية لتلك الأنظمة لا مبرر لها الآن، فأمريكا والمنطقة حالياً ليست كما كانتا قبل خمس سنوات أو أكثر بقليل، ومصلحة أمريكا في المنطقة الآن مقرونة أكثر من أي وقت مضى بمصلحة إسرائيل فيها، وهذه الأخيرة تحتاج إلى الاستقرار والهدوء لتتحقق تلك المصالح، ولا تحتاج إلى تدخلات إيران، أو صخب الإخوان، أو نظام سفيه يمول مخططاتهما، ولعلنا نشهد تعاملاً من نوع آخر من الرئيس بايدن في المنطقة ليس من أجل ازدهارها فحسب، ولكن من أجل ازدهارها هي وإسرائيل معاً وتحقيق مصالحهما فيها بالدرجة الأولى.