الأسرة الخلية الأساسية في المجتمع أساسها العلاقة الزوجية، لذا وجب أن يسودها المودة والرحمة والمحبة والثقة المتبادلة بين الزوجين، كما جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ». ونجاح هذه العلاقة يعتمد على التواصل الوجداني والعاطفي في الأحاسيس والمشاعر بين الزوجين وتمسكهما بنظام القيم والأخلاقيات التي دعا إليها ديننا الحنيف ومشاركة في الأفكار والآراء ووجهات النظر في كافة الأمور، وتتضمن أهمية تحمل المسؤولية الكاملة للزوجين فيما يتعلق بأدوار كل منهما في نطاق الأسرة، بيد أن ذلك لا ينفي أن يكون هناك بعض الخلافات التي لا تمس الثوابت التي تقوم عليها العلاقة بينهما والتي قد تحدث بين حين وآخر.

في السنوات الأخيرة زادت ظاهرة انتشار ما يسمى بالعنف الأسري في المجتمعات بشكل كبير والعنف الأسري هو كل استخدام للقوة بطريقة غير شرعية من قبل شخص بالغ في الأسرة ضد أفراد آخرين من هذه الأسرة ويشمل عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها وعنف الوالدين تجاه الأولاد وبالعكس، ولكن أسباب هذا العنف معظمها ترجع إلى التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السريعة في الحياة اليومية، وما طرأ عليها من استمرار إجراءات، وخاصة الآن حيث الحجر المنزلي المفروض على السكان في معظم دول العالم لمواجهة وباء فيروس كورونا (كوفيد- 19)، ونتيجة بقاء الناس داخل منازلهم فترات طويلة، إضافة إلى سوء الأحوال الاقتصادية لكثيرين منهم.

ظاهرة العنف الأسري في حد ذاتها منبوذة في كل الأحوال سواء كان من قبل الزوج أو من قبل الزوجة بيد، أنه من الملاحظ أن المجتمع تعود على أن ظاهرة العنف غالباً ما تصدر من الأزواج تجاه زوجاتهم وهذا الاعتقاد إلى حد كبير غير صحيح.



في السنوات الأخيرة الظاهرة أخذت منحى آخر، هو عنف الزوجات ضد أزواجهن، مثلا عندنا في البحرين كشفت إحصاءات النيابة العامة لعام 2019 أن الاعتداء على الزوج بلغت من قبل زوجاتهم 452 حالة وعلى الرغم من محدودية الحالات التي تم الكشف عنها، فإن هناك حالات اعتداء للزوجة على زوجها بالسب والضرب في البيوت المغلقة، ويخشى الرجل إيصالها إلى القضاء حفاظاً على كرامته كرجل وحرصه على مكانته الاجتماعية وسط زملائه في العمل؛ فبعضهم يشغل مناصب مرموقة.

الخلافات الزوجية بشكل عام لها أسباب كثيرة في نظري منها استقلال الزوجة اقتصادياً وتداخل الأدوار بين الطرفين والضغوط الاجتماعية والمعيشية وعدم وجود الوعي الكافي عند بعض الأزواج والزوجات عن الحياة الزوجية ومتطلباتها بشكل عام والمفهوم الحقيقي للمساواة بين المرأة والرجل، حيث إن ذلك لا يعني أن كلاهما يملك نفس الحقوق والواجبات إنما تعني المساواة أن لهما أدواراً يكمل الواحد من خلالها الآخر، وكذلك من الأسباب الرئيسية سوء الاختيار وأعني بها المعايير التي قد يضعها كلا من الطرفين لا تكون معايير في أغلب الأحوال واقعية حيث تأخذ طابعاً مثالياً للزواج، مثلاً الرجل أو المرأة يضعان معيار الشكل الخارجي مثل بعض الرجال يضعون معيار جمال المرأة والمستوى الاقتصادي والتعليمي كذلك المرأة تشترط أن يكون شكله متقبلاً ووسيماً ومركزه الوظيفي راقياً ومن عائلة... إلخ، بيد أنه من المهم أن نضع أموراً أخرى في الاعتبار، مثل الاستقامة الدينية المعتدلة والأخلاق والشخصية المحترمة.