تروج وسائل إعلام عدة أن «تطهير البنتاغون» يثير التكهنات حول سيناريوهات حرب لترامب قبل رحيله، ومنها ما هو في الخليج العربي ضد إيران، بل إن بعضها صور خشية قادة ميليشيات مسلحة مرتبطة بإيران في العراق، من عمليات عسكرية أمريكية تستهدفهم، وسبب المخاوف هو تعيين مدير المركز الوطني لمحاربة الإرهاب كريستوفر ميلر، قائماً بأعمال وزير الدفاع. وتصريحه «يجب علينا تجنب خطئنا الاستراتيجي السابق المتمثل في الفشل في رؤية القتال حتى النهاية».

وفي تقديرنا إنه من أسهل الأمور التي يمكن الوقوع فيها عند القراءة السطحية لقرارات الرئيس الأمريكي ترامب هو الاعتقاد بأنها صادرة من قناعاته الشخصية، وفي ذلك تجاوز للنظام المؤسسي الأمريكي خصوصاً ما يتعلق بالسياسة الخارجية. لقد أقال أربعة مسؤولين كبار في البنتاغون، منهم وزير الدفاع مارك إسبر، وتم تعيين كريستوفر ميللر قائماً بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، وهو منصب لشهر ونصف، لكن سيرة الرجل تظهر أنه جاء لمهمة خاصة، فتأهيله يشير إلى ذلك فقد أشرف على توظيف قوات العمليات الخاصة في مكافحة الإرهاب، وقد عمل قبل ذلك كضابط مشاة ثم ضمن المجموعة الخامسة للقوات الخاصة. وفي تقديرنا إن الإقالة والتعيين تمت في أروقة وزارة الدفاع الأمريكية، واعتمدها ترامب فقط وهي التي قررت أن ميللر هو المناسب لعملية تنظيف المسرح العالمي العسكري، كقرار لا دخل للانتخابات الأمريكية فيه.

فالتحولات العسكرية الأمريكية يتم صنعها وتطبيقها في البنتاغون بحيث لا تخرج عن الاستراتيجية الدفاعية العامة التي تصدر كل عامين، وفيها أن الرسالة الدائمة للبنتاغون هي توفير قوات لتحقيق الردع وحماية أمن أمريكا وتعزيز أدوات الدبلوماسية التقليدية للولايات المتحدة، بالخيارات العسكرية المطلوبة لضمان قيام الرئيس والدبلوماسيين الأمريكيين بالتفاوض من موقع القوة، بل ما تم هو تسلسل طبيعي لإجراءات البنتاغون الداخلية. فميزة التفوق العسكري لدى القوات الأمريكية بدأت بالتآكل، لتراجع قواعد النظام الدولي الذي ظل مهيمناً منذ أمد، مما أدى إلى خلق بيئة أمنية أكثر تعقيداً وتقلباً عما سبقها.

* بالعجمي الفصيح:

لا نرجح أن لتغييرات البنتاغون دوراً بحدوث ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية، تعويضاً عن حملة الضغوط القصوى التي نفذها ترامب لم تحقق سوى القليل.