لن يكون لبايدن القدرة على خلق مناخات استراتيجية خليجية تستحق الإشادة، كما توقع الكثير من المراقبين الخليجيين، بل عودة البرود للعلاقات الخليجية الأمريكية، كما هو الحال أثناء حكم أوباما، التي لا تخضع إلا بصعوبة لتعريف إيجابي، وخصوصاً أن لا قطيعة للمتابع الخليجي مع الماضي ضمن أدواتنا التحليلية. فكيف يمكن تجاوز جريرة استبعادنا مباشرة أو غير مباشرة من الاتفاق النووي الإيراني وجعل طهران تفتش على نفسها، ثم دعم حكومة المالكي العراقية القريبة من طهران والتغاضي عن تجاوزات الأسد لمهزلة الخطوط الحمراء، يضاف إلى ذلك توسعات أردوغان.

لكن في ذلك «تطير» استراتيجي، ومكروه شرعاً. فقد سبق أن عانينا من عاقبة التطير من ترامب حين وصل إلى البيت الأبيض جراء خطاباته، ومشاريعه الاستفزازية تجاه العرب والمسلمين، ودعوته لتحميل دول الخليج تكاليف مالية نظير الأمن الأمريكي، لكن انقلبت الآية فقد كان يبتزنا خطابياً، أما على أرض الواقع فقد كان يدخل طهران حفر العقوبات المتتالية، لدرجة تسميته «ترامب العرب»، كما وصفه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «CSIS».

لن يجدينا التحسر على انقضاء عصر الفروسية الأمريكية الريغانية البوشية الترامبية، لكن المصلحية تقول إن التطير الخليجي من بايدن في غير محله، ليس لأن التطير من بايدن مكروه شرعاً، بل لأن هناك تعاون سياسي وعسكري متين ليس من السهل تجاوزه كاتفاقيات الدفاع المشتركة بين واشنطن ودول الخليج مجتمعة و «أو» كل على حدة، وهناك القواعد الأمريكية، كما أن هناك دعماً كاملاً من المجمع الصناعي العسكري الأمريكي لدول الخليج ومثله المجمع البترولي، بالإضافة إلى هياكل التعاون السياسية التي قامت على علاقة تاريخية متينة، شكلها الجديد هو والمجالس الحوارات الاستراتيجية الخليجية الأمريكية.

* بالعجمي الفصيح:

التطير الاستراتيجي من بايدن في غير محله، فالنفاذ إلى جوهر الأشياء يؤكد أنه ليس مطلق اليد من غير الكونغرس بكل قرار استراتيجي، أما التطير الشرعي فقد نهي عنه النبي محمد بالدعاء «اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك».

* كاتب وأكاديمي كويتي