وليد صبري




* انطلاق "منتدى دراسات" حول دور المراكز الفكرية في دعم جهود محاربة "كورونا"


* خبراء ومختصون في المنتدى: مراكز الأبحاث تتغلب على الآثار السالبة للجائحة

* عبدالله بن أحمد: البحرين قدمت نموذجاً حضارياً في إدارة جائحة "كورونا"

* أزمة "كورونا" جعلت البشرية أمام وضع كارثي يسمى "عولمة الوباء"

* العالم يواجه أزمة مركبة صعبة ومعقدة غير مسبوقة

* عناصر أزمة "كورونا" تمثلت في المفاجأة والتهديد وضيق الوقت

* د. عبدالعزيز بن صقر: تأثير الجائحة على المشهد الثقافي والفكري مستقبلاً

* د. فهد التركي: استحداث مراكز بحثية علمية تعنى بـ"الوبائيات"

* مصطفى السيد: تنسيق متواضع بين مراكز الأبحاث والمؤسسات الخيرية خلال الجائحة

* فهد الحارثي: التحول التقني يوفر كثيراً من الخدمات خلال "كورونا"

كشف خبراء ومختصون ومتحدثون في منتدى "دراسات" الثالث، الذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" حول "دور المراكز الفكرية في دعم الجهود الوطنية لمحاربة جائحة كورونا" عن أن "مراكز الأبحاث والفكر والدراسات استطاعت التغلب على الآثار السالبة لفيروس كورونا (كوفيد19)"، مشيرين إلى أن "تلك المراكز واجهت عدداً من التحديات المفاجئة، بسبب أزمة "كورونا"، لعل أبرزها عدم الجاهزية العالية، والقيود المفروضة على السفر، وعدم القدرة على إجراء المسوحات والبحوث الميدانية، إضافة إلى نقص الدعم المالي، حيث إن معظم هذه المؤسسات والبحوث والمراكز الفكرية، هي مؤسسات غير ربحية".

وأضافوا خلال مشاركتهم في المنتدى الذي ينظمه مركز "دراسات" على مدار 3 أيام أن "هناك مشروعات مشتركة جديدة بين مراكز الأبحاث والدراسات في دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة، من أجل التغلب على تداعيات "كورونا"، لافتين إلى أن "هناك مراكز أبحاث اضطرت إلى أن تغير برامجها وتؤجلها، حيث تم التركيز على تأثير الجائحة على المستوى الاقتصادي وقضية الطاقة ومسألة انخفاض أسعار النفط وهذا انعكس بشكل مباشر على إستراتيجيات المنطقة".

وافتتح رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة الجلسة الافتتاحية لمنتدى "دراسات" السنوي في نسخته الثالثة، والذي انطلقت أعماله عبر الاتصال الإلكتروني المرئي، تحت عنوان "دور المراكز الفكرية في دعم الجهود الوطنية: محاربة جائحة كورونا نموذجاً" بمشاركة قادة رأي وخبراء وممثلي عدد من مراكز البحوث والدراسات الخليجية والعربية، كاشفاً عن "إطلاق المركز مبادرة للتضامن والتعاون البحثي والفكري بين مراكز البحوث والدراسات على مستوى دول العالم، تحت شعار "مجتمع فكري وإنساني واحد" وتتمثل في ربط تلك المراكز والمؤسسات في نسق واحد، لتبادل البيانات والأفكار، ونقل الخبرات والتجارب عن بُعد، بهدف المساهمة في التصدي للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والإستراتيجية الناجمة عن انتشار فيروس (كوفيد 19)".

وقال في كلمته: "يسعدني أن أرحب بكم في افتتاح منتدى "دراسات" السنوي، الذي يواصل أعماله للعام الثالث على التوالي، كمنبر فكري إستراتيجي، ومنصة بحثية معرفية، لمناقشة أبرز التحديات التي تواجه المنطقة والعالم. وإنه لمن دواعي سروي، أن يتفرد منتدى "دراسات" بطرحه الموضوعي، وتميزه في الحضور، وواقعية توصياته، بالإضافة إلى التركيز على استشراف سيناريوهات المستقبل. كما نجح كملتقى في تعزيز الشراكة بين الفكر الإستراتيجي ودوائر صنع القرار، انطلاقاً من مواكبته النهج الإصلاحي الشامل لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وترجمة مبادئ رؤية البحرين الاقتصادية 2030".

وأضاف: "لقد حرصنا في منتدى هذا العام على تناول دور المراكز الفكرية في دعم الجهود الوطنية لمكافحة جائحة فيروس "كورونا المستجد" بهدف تسليط الضوء على مساهمات المراكز الفكرية والبحثية، ولا سيما في أوقات الأزمات، من خلال دورها في طرح البدائل والخيارات المناسبة، للتعامل مع ظرف استثنائي عالمي، ترك آثاراً واضحة على مختلف القطاعات التنموية والإنتاجية، ومجمل النشاط الإنساني".

وتابع: "لا شك في أن أزمة تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19) جعلت البشرية جمعاء أمام وضع كارثي، وهو ما يمكن تسميته "عولمة الوباء" وحملت كثيراً من المآسي الإنسانية والأضرار المادية، بالنظر إلى الآتي: أولاً: إن عالمنا يواجه أزمة مركبة صعبة ومعقدة غير مسبوقة، سواء في ضخامتها أو تأثيرها، وتخطت جميع الحدود والأجناس، وخلفت تداعيات مؤلمة على الاقتصاد العالمي، ثانياً: برزت خلال هذه الكارثة العالمية أزمات صحية وإنسانية واقتصادية متعددة، وكانت الجائحة اختباراً حقيقياً لعناصر الأزمة الثلاثة، وهي: "المفاجأة والتهديد وضيق الوقت المتاح لاتخاذ قرارات بشأنها" في ظل تضارب أو نقص المعلومات، ثالثاً: أعادت "عولمة الوباء" التأكيد أن العالم قرية صغيرة، لكنها في الوقت نفسه زعزعت الرهان على فاعلية التعاون الدولي وقت المحنة، بعد أن تحول كثير من دول العالم إلى شبه عزلة وانغلاق في مواجهة الجائحة، مثمنين في هذا الإطار دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، خلال قمة قادة دول مجموعة العشرين، إلى العمل على تهيئة الظروف التي تتيح الوصول للقاحات بشكل عادل، بكلفة ميسورة لتوفيرها لكافة الشعوب دون استثناء".

وأشار إلى أنه "إذا كانت جائحة كورونا تمثل تحدياً لدول العالم كافة، فإن مملكة البحرين قدمت نموذجاً حضارياً في إدارة أزمة الوباء العالمي، في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، والتي وجهت إلى اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية، والعمل الاستباقي لاحتواء التداعيات المحتملة. ولعب الفريق الوطني للتصدى للجائحة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء، دوراً فعالاً وناجحاً بكل المقاييس، حيث اعتمد الشفافية والمبادرة عنواناً لعمله، فضلاً عن تبني آليات عملية ومبتكرة للسيطرة والتوعية، كما لم يتم التفرقة بين مواطن ومقيم في الرعاية الصحية".

وقال: "نعتز بأن مركز "دراسات" نهض بدور طبيعي في دعم جهود التصدى للجائحة من خلال تنظيم حوارات وندوات فكرية، لزيادة الوعي المجتمعي دون تهويل أو تهوين، وإصدار سلسلة متنوعة من التقارير والمقالات النوعية التي تناولت الأزمة من كافة جوانبها. كما قام المركز بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بإجراء دراسة مسحية حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة "كورونا" على مملكة البحرين، إلى جانب دراسة أخرى عن تأثير الجائحة وتطبيق نظام العمل عن بُعد على صياغة الخطط الإستراتيجية المستقبلية لقطاع الموارد البشرية".

وأوضح الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أنه "في ظل استمرار الجائحة بدرجات متفاوتة في دول العالم، جرى تخصيص أيام المنتدى الثلاثة لتبادل الرؤى حول أفضل السبل لمواجهة تداعياتها، حيث يستعرض اليوم الأول "الأسس الوطنية لمواجهة الجائحة من منظور بحثي"، بينما يركز اليوم الثاني على "كيفية تعامل مراكز الفكر مع تحديات ما بعد الجائحة" أما اليوم الثالث، فسيكون حول "آليات تنفيذ الخطط المستقبلية الشاملة" بحيث تتكامل الجلسات الثلاث، لتقدم معاً إطاراً فكرياً شاملاً لبحث الأزمة، واستخلاص الدروس المستفادة للتعامل مع أزمات مماثلة مستقبلاً".

وقال: "يسرني أن أعلن عن إطلاق مركز "دراسات" مبادرة للتضامن والتعاون البحثي والفكري بين مراكز البحوث والدراسات على مستوى دول العالم، تحت شعار "مجتمع فكري وإنساني واحد" وتتمثل في ربط تلك المراكز والمؤسسات في نسق واحد، لتبادل البيانات والأفكار، ونقل الخبرات والتجارب عن بُعد، بهدف المساهمة في التصدي للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والإستراتيجية الناجمة عن انتشار وباء (كوفيد 19)".

ونوه إلى أن "هذه المبادرة تستمد أهميتها وغايتها من الرؤية الملهمة، والقيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، بشأن أهمية تضامن دول العالم لمواجهة الوباء، كما ينبغي لمراكز الدراسات أن تسهم بدورها الإيجابي في تلك المواجهة، سواء من خلال دعم عملية صناعة القرار أو نشر الوعي بالمستجدات الجارية، سعياً لتعزيز التبادل المعرفي، وبناء القدرات، فضلاً عن التنبؤ واستشراف ملامح المرحلة المقبلة، باقتراح وتقييم الخيارات الإستراتيجية المتاحة".

وقال: "إنني على يقينٍ أن المتحدثين والمشاركين والمتابعين الأعزاء، وهم نخب متخصصة ومتميزة من الخبراء وقادة الرأي، سوف يقدمون إسهامات نوعية، وإضافات جديدة لأعمال المنتدى تسهم في إثراء مناقشاته وفعالياته، والخروج بأفكار ملهمة وخلاقة، وتوصيات رائدة وبناءة، من أجل خير وازدهار منطقتنا والعالم. متمنياً للجميع التوفيق والسداد".

وأدار الجلسة النقاشية في اليوم الأول المدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة الدكتور حمد إبراهيم عبدالله، وناقشت أعمال اليوم الأول للمنتدى محورين: الأول بعنوان "آثار الجائحة على المؤسسات الفكرية والبحثية ومدى استجابتها" الذي يستهدف تحليل كيفية تأثير جائحة كورونا على عمل المؤسسات الفكرية والبحثية، وشارك في المحور الأول رئيس مركز الخليج للأبحاث، د. عبدالعزيز بن عثمان بن صقر، ونائب رئيس الأبحاث لمركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، د. فهد التركي، فيما ناقش المحور الثاني "تعاون مراكز الفكر مع المنظمات الوطنية في مواجهة الجائحة"، حيث يستهدف مناقشة أطر التعاون المشتركة بين مراكز الفكر وغيرها من المؤسسات الوطنية في مواجهة الجائحة سواء أكانت مؤسسات رسمية أو مؤسسات المجتمع المدني، وشارك في المحور الثاني، الأمين العام للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، د. مصطفى السيد، ورئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام، د. فهد العرابي الحارثي.

من جانبه، قال د. عبدالعزيز بن صقر: "إن مراكز الأبحاث واجهت عدداً من التحديات المفاجئة، بسبب أزمة "كورونا"، لعل أبرزها عدم الجاهزية العالية، والقيود المفروضة على السفر، وعدم القدرة على إجراء المسوحات والبحوث الميدانية، إضافة إلى نقص الدعم المالي، حيث إن معظم هذه المؤسسات والبحوث والمراكز الفكرية مؤسسات أبحاث هي غير ربحية".

وأشار إلى أن "هناك دروساً مستفادة من الجائحة أبرزها، الجاهزية والتحضير للسيناريوهات المختلفة وأنواع التحديات المختلفة وكيفية التعامل معها". وأوضح أن "المراكز الفكرية قدمت تنبؤات في التعليم والصحة وفي مجالات التقنية، كما ساهمت في توضيح الصورة بشكل عام لدى صانعي القرار".

وذكر أن "كثيراً من المراكز البحثية اضطرت إلى تغيير برامجها وبعضها تم تأجيله، تماشياً مع التطورات التي فرضتها الجائحة وتم التركيز بالمقابل على الدراسات التي تعنى بتأثير الجائحة في المنطقة من أبعاد مختلفة كالبعد الاقتصادي والأبعاد المرتبطة بالطاقة، ولا سيما مع انخفاض أسعار النفط الأمر الذي كان له الأثر الكبير على دول المنطقة واقتصادياتها".

ولفت إلى أن "غالبية المراكز البحثية تمكنت من الانسجام مع التغييرات التي فرضتها الجائحة ومن بينها التطورات التقنية التي رافقت هذه المرحلة، واستطاعت مراكز بحثية صغيرة إيصال صوتها وقامت بتسجيل الورش عبر المنصات الافتراضية المختلفة".

ونوه د. عبدالعزيز بن صقر إلى أن "المرحلة المقبلة سوف تشهد تأثير الجائحة على المشهد الثقافي والفكري"، موضحا أنه "لا بد من أن يكون لكل مركز أجندة معينة واستشراف للمستقبل ينعكس على دوره واهتماماته وتخصصاته، وقدرات الباحثين الموجودين والجمهور، لأن المرحلة المقبلة لن تكون مثل المرحلة الماضية، نظراً إلى أن الجائحة فرضت تغييرات كبيرة".

بدوره، أوضح د. فهد التركي "التأثير المالي كان كبيراً على بعض مراكز الأبحاث، في حين أن هناك مراكز أبحاث أخرى تعتمد على مواردها الذاتية أو الوقفية"، لافتاً إلى أن "التقنية والاجتماعات الافتراضية سهلت انعقاد قمم ومؤتمرات لعل أبرزها قمة مجموعة العشرين، التي استضافتها السعودية مؤخراً". وتوقع "تطوراً في المراكز البحثية العلمية التي تعنى بمسألة الوبائيات أو استحدث مراكز بحثية علمية تعنى بالوبائيات". ودعا إلى "تبني مراكز الأبحاث لأجندات مرنة لمواضيع التعافي الاقتصادي والتعافي العالمي من الجائحة".

من ناحيته، شدد د. مصطفى السيد على "ضرورة النظر بشمولية لمجمل الدراسات البحثية التي تقدمها المراكز المختلفة"، مشدداً على "ضرورة نقل تجربة البحرين للدول الأخرى"، لافتاً إلى أن "التنسيق متواضع بين المراكز البحثية والمؤسسات الخيرية في ظل تداعيات الجائحة".

من جانبه، قال الدكتور فهد الحارثي: "إن التحول التقني والرقمي قد ساهم في توفير كثير من الخدمات خلال الجائحة"، مؤكداً "أهمية استمرار التنسيق بين المراكز البحثية وإتاحة ما ينتج من المراكز على المنصات المتاحة"، متحدثاً عن "الدور الذي تضطلع به المراكز البحثية لتوعية المواطنين".

ويشارك في المنتدى الذي تستمر أعماله 3 أيام عدداً من المراكز والمؤسسات الفكرية، وهي المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، وجامعة البحرين، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ومركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، ومركز الخليج للأبحاث، ومركز الإمارات للسياسات، ومركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام، ومعهد الكويت للأبحاث العلمية، ومركز الدراسات الإستراتيجية بالأردن، والمركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، والمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية.

يشار إلى أن منتدى "دراسات" السنوي يمثل منصة متقدمة للحوار المفتوح والمسؤول، استحدثها مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" منذ عام 2018، كملتقى فكري جامع ومتفرد، من حيث الحضور والمناقشات والتوصيات، كإحدى آليات المركز المتنوعة، لتنفيذ خططه، وتحقيق أهدافه، من خلال التركيز على تحليل السياسات، وتقييم القضايا والمستجدات، التي لها انعكاسات على مملكة البحرين ومنطقة الخليج، في ضوء رؤية استشرافية أكثر وضوحاً وشمولاً.