قابلت مجموعة من الزملاء وهم يؤكدون قناعتهم حول أن كثرة العيال بركة في الرزق والنجاح العام، قال أحدهم: كلما رزقني الله بمولود حصلت على درجة جديدة . وقال آخر: الرزق يأتي مع المولود، وفي كثير من الأحيان تصدق هذه القناعة مع الناس بدرجة عالية، ولكن.. هل هي صالحة للجميع؟ هل تطبق هذه القاعدة مع كل من ينوي تكثير النسل؟
حقيقة الأمر أن الإجابة لا تعمم، لأنها لا تخضع لقانون التجربة إلا في حدود ظروف محددة، فالأب المقتدر الذي تعدى خط العوز والفقر والمنظم في شؤون حياته، الذكي في أساليب رعايته لأولاده والقادر على الموازنة بين عمله وهوايته وأسرته، هو من لا يتأثر بكثرة العدد، ولقد سألت نفسي مرة هل ستؤثر كثرة الأولاد على إنجازي، فإذا بي أصدم بمعلومة مفرحة، ففي الوقت الذي كنت أقرأ للعالم الكبير ستيفن كوفي وأعجب من فكره العميق الواسع، إذا بي أكتشف أنه أب لتسعة أولاد وجد لما يقارب من 40 حفيداً !! وكان دائماً يثني على أسرته وبأن النجاح الحقيقي الأول هو مع الأسرة .
ومن جهة أخرى فإن بعض القوانين العددية مع الأسرة تنطبق كذلك على مستوى الدولة فلقد سمعت كلمة منقولة عن مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق يقول فيها إن الدولة لا يمكن أن تحدث نهضة إلا إذا وصل عدد سكانها إلى 80 مليوناً! فبالله عليكم أين هو موقع البحرين من ذلك؟ ولكن بالنظر لكلام مهاتير فإن المسألة لها زاويتان: أما الأولى فإن فيها شيء من الصحة، ولذلك فإن الدول التي يكثر فيها المبدعون هم الأكثر عدداً ، بغض النظر عن حجم مشاكل البطالة والتخلف، لكن انظر إلى الهند أو الصين أو مصر، هذه دول تتضخم فيها المواليد، لكن ألا ترون أن حجم المبدعين كذلك ضخم ووافر، أما المسألة الثانية، فإن الدول الصغيرة بإمكانها التفوق إذا أحسنت التواصل مع العالم وحولتها لقرية صغيرة تطلع فيها على كل جديد فبإمكانها تعويض النقص العددي، ولكن بطبيعة الحال ستكون أقل حظاً في النجاحات العامة.. أترك الموضوع بلا تعليق أكثر، وعليكم أن تحسبوا عدد أولادكم وتحكموا .