وصفت العملية التي تم فيها اغتيال العالم النووي الإيراني بأنها أقرب إلى ما نراه في الأفلام السينمائية، حيث تمت ملاحقة سيارة العالم النووي عبر الأقمار الصناعية، تماماً كما نراه في الأفلام حيث تعرض شاشة كبيرة صوراً حية في قاعة اجتماعات مركزية يجتمع فيها قيادات العملية الأمنية التي ستتم، فيرونها نقلاً مباشراً حياً.

وحين وصلت السيارة إلى موقع الحادث المقرر سلفاً تم قطع الإنترنت وخطوط الاتصال، ثم أعقب ذلك انفجرت سيارة بيك آب كانت معدة سلفاً ومتوقفة بانتظار مرور السيارة المقصودة بالقرب من الموقع، والغرض لم يكن استهداف السيارة بل الغرض كان توقفها، حيث أجبر الانفجار سيارة فخري زاده على التوقف، وفي الحال انطلق أربعة مسلحين على دراجات نارية أمطروا سيارته بالرصاص وصوروا العملية وغادروا دون أن يقبض عليهم أحد.

الجدير بالذكر أن حسن فخري زاده لا يتحرك إلا برفقة حراسة مشددة وتحركاته تتسم بالسرية ويقال إنهم كانوا يحضرون لعملية تجميل جراحية لتغير ملامحه من أجل حمايته.

قبل أن أتحدث عن النقطة التالية ألفت الانتباه إلى أهمية التطور التكنلوجي وأهمية الأمن السيبراني، وإيران تتفاخر بالاثنين معاً، وتم اغتيال فخري زاده وقبله الرجل الثاني في القاعدة في وسط العاصمة طهران في وضح النهار وهذا له دلالتان بأن الاهتمام بهذا السلاح أصبح يفوق الاهتمام بالتسلح التقليدي في الحروب القادمة خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الزيادة في استخدام الطائرات المسيرة للقيام بالعمليات العسكرية التي كانت مناطة بالطيران التقليدي.

عودة لموضوعنا من الجدير بالذكر أنه قبل عامين ذكر نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي حسن فخري زاده بالاسم وقال عنه إنه المسؤول عن تطوير برنامج إيران النووي والمسؤول عن تحميل رؤوس الصواريخ الإيرانية الباليستية بالمتفجرات.

حسن فخري زاده من قيادات الحرس الثوري الإيراني وليس فقط عالماً زاهداً يعيش داخل مختبراته.

النقطة الثانية على هامش اغتيال العالم النووي الإيراني هو تحرك اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة الأمريكية وهو مكون من أمريكيين من أصول إيرانية غادر معظمهم إيران هرباً من نظام الملالي لكنهم اليوم يعدون أنشط لوبي يعمل على تسويق إيران لدى المجتمع الدولي ويؤازره العديد من رموز الحزب الديمقراطي، هذا اللوبي وعلى رأسهم تاريتا بارسي، كتب منتقداً العملية بأنها ستجعل النظام الإيراني يتشدد الآن أكثر وأن صقوره سيعودون للسيطرة على القرار مما سيعيق أي اتفاق مع بايدن!!

ما ألفت الانتباه له هو استماتة هذا اللوبي لإعادة العلاقة الإيرانية الأمريكية إلى ما كانت عليه إبان إدارة أوباما، اثنين انشغال إيران طوال الوقت بتعزيز هذا اللوبي وتقويته من أجل خدمة أجندتها، لم تترك إيران هذه المهمة لمجرد أن رئيساً جاء ونسف جهودها هي مستعدة أن تبدأ من جديد إن استلزم الأمر.

الأمر الأخير أثبتت الحوادث الأمنية الأخيرة وهي الحرائق والتفجيرات والاغتيالات داخل إيران أنها تكثر من الحديث عن قوتها وإمكانياتها بشكل مبالغ مستخدمة إثر هذه المبالغة للتهديد والتخويف وللتغطية على نقاط ضعفها، هذا لا يعني أنها لا تملك قوة أو إمكانات، إنما يعني ليست كما تدعي تماماً.