في علم الإدارة توجد أدوات وأساليب عديدة تستخدم بهدف تعزيز الدافعية واستنهاض المزيد من العطاء لدى الموظفين أو أي شخص يقوم بعمل استثنائي ويتميز فيه، بحيث يتحصل بشكل مباشر وسريع على التقدير والثناء والدعم من قبل القائد أو صاحب القرار.

القائد الذكي في ممارساته الإدارية هو الذي يعرف تماماً أهمية التوقيت فيما يتعلق بالتعزيز والتقدير، وأن القيام بهذه الخطوة بشكل فوري من شأنها ترك أثر كبير لدى الشخص الذي يتم تقديره، كما من شأنها تقديم نموذج إيجابي محفز للآخرين ليحذو حذو الشخص الذي تميز في عمله وعطائه.

صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله ضرب لنا بالأمس مثالاً واضحاً على هذه المعادلة الإدارية، وكيف يكون دور القائد في تقدير موظفيه المتميزين والذين ينجزون بشكل استثنائي، حينما وجه على الفور معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله لتكريم البطلين من الدفاع المدني اللذين ساهما في إنقاذ السائق الفرنسي رومان غروجان من موت محقق حرقاً، بعدما تعرضت سيارته لحادث عنيف في انطلاقة الفورمولا واحد وانشطرت لنصفين واندلعت فيها النيران، حيث تم تكريم رجلي الدفاع المدني بترقيات استثنائية نظير سرعة استجابتهما وعملهما الذي به تم الحفاظ على حياة السائق.

الدكتور أيان روبرتس المندوب الطبي لدى الاتحاد الدولي قال إن تأثير إطلاق مطفأة الحريق من قبل رجال الدفاع المدني البحرينيين أخمدت ألسنة اللهب مما سمح بعملية إنقاذ غروجان، حيث أوضح لشبكة «سكاي إف 1» بأنه كان يحاول مساعدة غروجان على الخروج من السيارة المنشطرة المشتعلة، وتدخل رجال الدفاع المدني وتوجيه المطفأة باتجاه النيران سمح بفتح مساحة آمنة للسائق حتى يخرج ويتم إنقاذه.

الإشادات من قبل الفرق والسائقين توالت على السرعة العالية في إنقاذ السائق ودور الكوادر البحرينية في هذه العملية، وامتدت لشكر الطاقم الطبي الذي أشرف على علاج السائق بعد وصوله بسرعة لهم، وكل هذه الأمور كان لها صداها العالمي الواسع الذي ركز الأنظار على البحرين، إذ رغم حصول حادث بهذا الحجم، وهو أمر يحصل كثيراً في سباقات الفورمولا واحد، إلا أن التعامل الممتاز وإنقاذ حياة السائق كان هو محور الاهتمام في أبرز لقطة شهدها سباق البحرين.

أعود للنقطة أعلاه، وهي المرتبطة بالذكاء القيادي لدى المسؤول، وإدراكه أهمية تعزيز الجهود المخلصة والأداء الإيجابي المتميز، وهو الأمر الذي قام به على الفور الأمير سلمان بن حمد ولم يتأخر أبداً في تقديم درس بليغ في الإدارة، وكيف يفترض أن يكون تقدير الجهود والتضحيات، وهو ما يجعل كل المسؤولين في البلد أمام نموذج واضح ومباشر في كيفية التعامل الصحيح مع التميز والعمل المخلص والاجتهاد الذي يرونه من موظفيهم في مختلف القطاعات.

تقدير الجهود المخلصة، وتعزيز الممارسات الإيجابية، ممارسة لها أبعادها العميقة، والتي لا يتقنها إلا قائد يعرف تماماً كيف يدير ويتعامل ويطور من الطاقات والكوادر البشرية العاملة تحت قيادته.

فشكراً لك بوعيسى، ومبروك نجاح سباق البحرين كالعادة، بانتظار النجاح الآخر بإذن الله للسباق الثاني القادم بعد أيام.