ظهرت بداية التعددية الثقافية في العالم في أواسط القرن التاسع عشر من قبل فلاسفة ألمان ساكنين النمسا - الهنغارية، التي كانت النزعة القومية الجديدة آنذاك تواجه بحركات تمرد من قبل الأقليات غير الألمانية وغير هنغارية ومنها ظهرت فكرة النازية فيما بعد، مما دفع بالحكومة إلى إيجاد حل لهذا النزاع القومي بمنح العديد من الحقوق الثقافية للأقليات من أجل تحقيق تقرير المصير لهذه المجموعات والتي أطلق عليها سياسياً بالتعددية الثقافية. بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت نظرية الثقافة النسبية Cultural Relativism التي اختلفت في الفكر واعتمدت على عدم المساواة بين الثقافات لأن البشرية لا يمكن أن تكون غير منحازة -كل شخص ينتمي إلى ثقافة محددة- وتقييم الثقافات الغريبة يكون في الغالب معتمداً على نوعية وطبيعة العلاقات. وحول دور التعددية الثقافية، فمن المعروف أن الثقافة الواحدة كانت غير كافية لتطوير المجتمع كاملاً في مجالات الثقافة فلا توجد ثقافة متكاملة، مما مارس كثير من الدول فكرة الاندماج الثقافي وحبها في نهضة الثقافة البانية للدول هادفة وساعية إلى فكرة التعددية الثقافية. ومن هذا نرى لكي تنجح فكرة التعددية الثقافية يجب أن يكون التعامل مع جميع الثقافات بصورة متساوية، ولا يجوز تغليب معايير وقيم لثقافة واحدة وتفضيلها على الثقافات الأخرى، وأن يكون الهدف من تلاقح الثقافات هو بناء حضارة ثقافية متطورة لأن التبادل الثقافي هو أولى الخطوات على طريق تفاهم الشعوب وبين المجتمعات فهو يسعى إلى دعم الاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة وتقوية معرفة كل جانب بالجانب الآخر. نختم بقول خالق «البشر» جميعاً تبارك في علاه: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» الحجرات 13، ما دام هناك إدمان على العصبيات والانحشار في قوقعة الإقليميات فلا يمكن أن يحدث هذا «التعارف»!! لأن هذا التنوع لا ينبغي أن يقتضي إلى نزاع وشقاق بل يقتضي إلى النهوض.. فهلا وعينا ذلك؟!