كتبت - عايدة البلوشي: إن المعاق جزء من المجتمع له حقوقه وعليه واجباته. من حقه كما هو حق لجميع الناس؛ أن يتزوج وينجب الأبناء. لكن الواقع يقول خلاف ذلك؛ فنظرة المجتمع لاتزال قاصرة، وكثيرات يخشين الارتباط بالمعاق، على أنفسهن وأبنائهن. فضلاً عن تحديات أخرى تقف بوجه المعاق تعيقه عن تحقيق حلمه البسيط هذا. في السطور التالية استطلعنا تجربة فتيات اقترنّ بمعاقين، وسألناهن عن النتيجة بعد الزواج، فخرجنا بالآراء الآتية... أفضل من الأصحاء تؤكد زوجة المعاق أيمن الحدي أن الإعاقة أمر بيد الله سبحانه وتعالى، ولو كتب الله ذلك فلا اعتراض. والزواج من إنسان معاق ربما يكون أفضل من الزواج من سليم لا يقدر الحياة الزوجية. فالإنسان ينظر إلى الأخلاق والدين في مسألة الزواج والارتباط، مشيرة إلى أن ارتباطها بأيمن جاء عن قناعة، فهي تحمد الله تعالى على هذه النعمة العظيمة، كون زوجها زوجاً وصديقاً وأخاً. وتضيف: لقد تزوجنا العام 1999 بعد خطبة تقليدية، وبعد الاستخارة رأيته الرجل المناسب.. ولم أواجه معه منذ أول يوم أية صعوبة، بل على العكس، أيمن يقدر الحياة الزوجية وهو متعاون يشاركني في كل شيء. وقد أنجبنا ثلاث بنات وولداً جميعهم طبيعيون.. والولد يبلغ من العمر 12 سنة، وهو مرتبط بأبيه كثيراً ويرى فيه الأب والصديق. وتتابع زوجة أيمن: لقد ولد زوجي معاقاً، حيث تسببت عملية شفط في الرأس بشلل في المخ تسبب في إعاقة دائمة. ومنذ الطفولة حاولت أمّه بشتى الطرق علاجه، وقد سافرت لأجل ذلك إلى بلدان عدّة مثل سوريا، العراق، والهند إلا أنها خرجت صفر اليدين. ثم بدأت بالعلاج الطبيعي والتمارين فبدأ بتحريك جسمه، حتى إذا بلغ الثالثة عشرة بدأ بالمشي.. وعندما بلغ العشرين دخل مركز تأهيل لفئة المعاقين، وعمل هناك في عدة ورش لمدة خمس سنوات. وبالمناسبة فإن زوجي رياضي حقق عدداً من البطولات، ما يؤكد تفوقه على الأصحاء. لقد انضم إلى النادي العام 1994 وشارك في عديد من البطولات المحلية والدولية والعالمية، وحقق نجاحات مختلفة. وكانت أول مشاركه له العام 1994 في بطولة ألمانيا، حين حقق المركز السادس على مستوى العالم. وآخر مشاركة له كانت منذ أسبوعين في دولة الإمارات العربية المتحدة في البطولة المفتوحة للمعاقين حيث نال المركز الأول والثاني. وما يفخر به كثيراً الوسام الذي حظي به من قبل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، في حفل تكريم اللاعبين مؤخراً. وتستدرك: ومع ذلك يعمل زوجي لدى مؤسسة خدمات المعاقين براتب ضئيل جداً منذ اثني عشر عاماً. ونواجه مشكلة كبيرة مع غلاء المعيشة، لتوفير متطلبات الحياة المادية، في عصر تحولت فيه الكماليات إلى أساسيات. كما إننا نواجه مشكلة مع الإسكان، فقد تقدم بطلب وحدة سكنية وجاء الرد بالموافقة، إلا أنه لم يحصل على بيت العمر، رغم موافقة الجهات، وهو يراجعهم دون جدوى. حاربت الجميع لأجله أما زوجة المعاق -فضلت عدم ذكر اسمه- ورغم أنها لم تتعد الخامسة والعشرين ربيعاً فإنها فضلت الارتباط بشاب يعاني إعاقة في قدمه، تعرفت عليه من خلال الزيارات المتبادلة بين الأهل. فوجدت فيه الزوج المناسب أخلاقاً وديناً وعلاقة بالناس، رغم اعتراض أبويها الشديد. تقول: حين تقدّم لخطبتي رفض أبي وأمّي ذلك بشدّة، بسبب الإعاقة؛ فهي تعرقل الحياة الزوجية كما تصورا. لكن بعد إلحاح حماتي وتدخل أعمامي، وافقا بعد مرور ثمانية أشهر، وكنت سعيدة جداً؛ فأنا لم أتردد لحظة في الارتباط بإنسان صاحب دين يقدّر الحياة الزوجية، وقد انعكس إيماني هذا على حياتي معه فنحن سعيدين. خصوصاً بعد تأكيد الطبيب عدم وجود أي احتمال لإعاقة الأبناء. والآن، بعد مرور تسعة أشهر من الزواج، لا أجد فرقاً بيني وبين أختي المرتبطة بشاب سليم.. زوجة «..» تنصح كل فتاة يتقدم لها إنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة بالتريث وعدم المسارعة برفضه، فالإنسان بأخلاقه وما يؤمن به من قيم، لافتة إلى أن من الواجب توعية المجتمع بهذه الفئة وإمكاناتها، ودعمها لإكمال نصف دينهم. الدين أجاز زواج ذوي الإعاقة العقلية من جانبها تقول مديرة مركز الرحمة نادية عبدالله البكر: لنوفر المقوّمات الأساسية لنجاح زواج ذوي الإعاقة الفعلية، لابد من أن يعيش الزوجان –إن كان أحدهما أو كليهما معاقاً- في كنف الأسرة من أجل الإرشاد والتوجيه وتقديم العون، وحلّ الصعوبات التي قد تعترض حياة الزوجين خصوصاً في السنوات الأولى، مشيرة إلى إجازة الدين زواج ذوي الإعاقة العقلية؛ على أن تتوفر شروط إضافية على الشروط الأساسية المعلومة للزواج الطبيعي وهي؛ ضمان عدم حصول الضرر سواء على نفسه أو الشريك، مع ضرورة اطلاع الطرف الآخر قبل الخطبة على نوع الإعاقة وشدتها وما يصاحبها من أوضاع صحية أو نفسية أو اجتماعية. وتلفت إلى أهمية التفريق حين نتحدث عن زواج ذوي الإعاقة، بين صنفين من هذه الفئات؛ الأولى فئة الإعاقات السمعية و الحركية والبصرية بأنواعها ودرجاتها، مشيرة إلى أن هؤلاء قادرون على الزواج وتكوين أسرة طبيعية؛ متى ما توفرت الشروط الطبيعية للزواج من تكافؤ وقدرة على تحمل المسؤوليات. أما الفئة الثانية فهي الإعاقات الذهنية، وهي متدرجة من البسيط إلى الشديد، وبالتالي فهم في حاجة إلى رعاية خاصة ومتابعة لتلبية احتياجاتهم. لكن هذا لا يمنع من زواج الأشخاص ممن لديهم إعاقة بسيطة أو متوسطة وممن تتوفر فيهم شروط الكفاءة الشخصية والاستطاعة الاقتصادية للزواج والتعايش مع شريك حياة يتقبل إعاقتهم، ويكون خير معين وسند لهم. وتتابع البكر: ربما تكون قضية الإنجاب من أهم القضايا التي تطرح عند إثارة زواج المعاقين؛ لأن كل زواج لابد أن يثمر أطفالاً، ربما يكون الواحد منهم أو أكثر معرضاً لتوارث الإعاقة، وهنا يكون الحكم النهائي لأطباء وأخصائي الوراثة الذين تجب استشارتهم والتعرف على رأيهم قبل بدء إجراءات الزواج. وحول جهود مركز الرحمة التابع لجمعية الرحمة لرعاية المعاقين، تبين البكر أن المركز ولكونه معنياً بخدمات الرعاية التي تقدم لفئة الشباب من 15 إلى 35 سنة ولمن يعانون الإعاقة ذهنية، يضع موضوع زواج الشباب من هذه الفئة ضمن توجهاته المستقبلية من أجل استحداث برامج رائدة في مجال تأهيل وتدريب الشباب المؤهلين للزواج، بالتنسيق مع الأسر المتعاونة، لإعداهم وتهيئتهم للحياة الزوجية والتكيف مع متطلباتها. على أن تكون هناك متابعة في كل المراحل للتدخل وحل المشكلات إن وجدت.. إيماناً وتفعيلاً لحقّ المعاق في الحياة الكريمة، وفقاً لما تسمح به قدراته وظروفه وإمكاناته. فكلّ ما يحتاجه هؤلاء الشباب هو تفهم المجتمع بأفراده وأجهزته الإعلامية لحاجاتهم الطبيعية والعمل على دعمهم لتحقيقها، بالتوافق مع جميع الأطياف كل حسب تخصصه.