قالت وكالة "أسوشيتد برس" إن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن يواجه ضغوطاً متزايدة من فصائل متنافسة في الحزب الديمقراطي بشأن شخصية شاغل منصب وزير الدفاع المحتمل.

وأضافت الوكالة، أن قياديين من أصل إفريقي شجعا بايدن على اختيار أميركي - إفريقي لتولّي المنصب، من أجل تنويع إدارة يُرجّح حتى الآن أن يكون معظم أعضائها من العرق الأبيض، فيما يدفعه آخرون لتعيين أول امرأة في المنصب.

وعلى الرغم من طرح اسم ميشيل فلورنوي للمنصب، لتكون بذلك أول امرأة على رأس البنتاغون، إلا أن مجموعات متزايدة من الفصيل "التقدمي" تعارض ذلك.



وحذر ائتلاف من 7 مجموعات "تقدمية" بايدن من تعيين فلورنوي، ووجّه إليه في هذا الصدد رسالة مفتوحة، أشار إلى سجلها في "قرارات سياسية غير حكيمة" و"تاريخ غامض لنشاط في القطاع الخاص".

واعتبرت جيهان حكيم، رئيس "لجنة التحالف اليمني"، التي ساهمت في إعداد الرسالة، أن هناك "دعماً مستمراً قدّمته فلورنوي لعدة صراعات عسكرية، مما ساهم في أزمات مدمرة في العالم"، بحسب وصفها.

تراجع أسهم فلورنوي

وكانت فلورنوي أبرز المرشحين لشغل حقيبة الدفاع في عهد رئيس ديمقراطي منذ حملة هيلاري كلينتون في انتخابات 2016، وتتميّز بخبرة عميقة وتحظى باحترام في الكونغرس، ومعروفة في العالم، لكن بعد فوز بايدن بفترة وجيزة، بدا أن أسهمها تتراجع، في ظل أنباء عن ترشيح آخرين، بينهم لويد أوستن، وجيه جونسون.

ودعا النائب جيمس كليبورن، وهو من أبرز أعضاء الكونغرس من أصل إفريقي، بايدن علناً إلى اختيار مزيد من الرجال والنساء من أصل إفريقي لتولّي مناصب وزارية.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن حقيبة الدفاع، التي لم تتولاها امرأة أو شخص من أصل إفريقي، هي واحدة من آخر الفرص المتبقية لبايدن، لإثبات التزامه بالتنوّع على المستويات العليا في فريقه للأمن القومي.

وأضافت الوكالة أن منتقدين ليبراليين يعتبرون أن آراء فلورنوي تعد أكثر تشدداً في ما يتعلق بحرب أفغانستان، بينما أشار بعضهم إلى كونها مؤسسة مشاركة لشركة الاستشارات WestExec Advisors، التي تؤمّن ما تسميه "خبرة جيوسياسية وسياسية فريدة لمساعدة قادة الأعمال"، والتي باتت مصدراً ينهل منه بايدن لشغل مناصب أمنية وطنية أخرى.

ويُعتبر أنتوني بلينكن من مؤسسي الشركة، وهو مرشح الرئيس المنتخب لحقيبة الخارجية، كما أن أفريل هاينز، المرشحة لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية، هي مدير سابق للشركة.

منافسون لفلورنوي

وظهر منافسون لفلورنوي على المنصب، بينهم الجنرال المتقاعد لويد أوستن، وجيه جونسون الذي كان أبرز محامي وزارة الدفاع، ثم صار وزيراً للأمن الداخلي خلال الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، وكلاهما من أصل إفريقي.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى تكثيف ضغوط متنافسة، فيما يحاول بايدن تشكيل إدارة، محافظاً في الوقت ذاته على تحالف واسع ساهم في فوزه على الرئيس دونالد ترمب، الشهر الماضي.

وفي مواجهة تحديات هائلة تنتظره بمجرد تولّيه منصبه في 20 يناير، قد لا يستطيع بايدن تحمّل خسارة دعم القاعدة "التقدمية" للحزب الديمقراطي، خصوصاً مع وجود 100 نائب ديمقراطي في مجلس النواب ينتمون إلى "التكتل التقدمي"، بالإضافة إلى تعهد بايدن بتمرير قانون للإغاثة من الأوبئة، وإصلاح أنظمة الرعاية الصحية والهجرة والتعليم، وحماية البيئة.

ورحبت مجموعات "تقدمية" بأفراد رشحهم بايدن للانضمام إلى إدارته، في مقدمتهم هيذر بوشي وجاريد بيرنشتاين في مجلس المستشارين الاقتصاديين، ولكنها لم تكن راضية بشكل عام، علماً بأن هناك مناصب وزارية وعليا لم تُشغل بعد.

حقيبة مختلطة

ونقلت "أسوشيتد برس" عن وليد شهيد، الناطق باسم "ديمقراطيون من أجل العدالة"، وصفه خيارات بايدن بأنها "حقيبة مختلطة"، مستدركاً أنها كانت بشكل عام أكثر تقدمية من خيارات أوباما، بعد فوزه في انتخابات 2008.

وأضاف: "الأمر الذي أقلقني هو عندما قال جو بايدن إن لدينا بالفعل عدداً كبيراً من التقدميين في إدارتنا، لقد تحدثت إلى كثيرين، ولكنهم لم يعلموا شيئاً مما يتحدث عنه الرئيس المنتخب".

كذلك يستعد "التقدميون" لاحتمال خوض معارك بشأن حقائب التجارة، والعمل، والتعليم، والداخلية، والعدل، من بين مناصب وزارية أخرى شاغرة. في هذا الإطار، أبدى "التقدميون" في الحزب الديمقراطي معارضة شديدة لتعيين رام إيمانويل وزيراً للنقل، على الرغم من أنه كان أبرز موظفي البيت الأبيض خلال عهد أوباما، فضلاً عن تعيين مايك موريل مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي إي) CIA.

الرسالة المفتوحة التي وجهها الائتلاف "التقدمي" لبايدن بشأن تعيين فلورنوي لم تُشر إلى العرق أو الجنس، بل تضمنت دعماً لبديلينِ محتملينِ لها، هما السيناتوران تامي داكورث وكيرستن غيليبراند.

نقلت "أسوشيتد برس" عن ديفيد سيغال الذي يقود مجموعة "تقدمية" قوله: "على الرغم من أننا لم نفز بأي حال في كل هذه المعارك، فمن الواضح أن تركيز التقدميين على الموظفين يُحدث فرقاً يُرجح أن يؤتي ثماره عندما يتعلّق الأمر بقرارات سياسية على مدى السنوات المقبلة"، واستدرك أن "مجال الأمن القومي هو الأكثر إثارة للقلق".

مهلة طويلة نسبياً

أما شهيد فلفت إلى أن "التقدميين" سيمنحون بايدن مهلة طويلة نسبياً قبل الانقلاب عليه، لو حدثت خيبات أخرى خلال تشكيله إدارته، واعتبر أن الطابع الحقيقي لرئاسة بايدن لن يكون معروفاً إلى أن يتولّى منصبه في 20 يناير ويبدأ العمل مع الكونغرس لتطبيق برنامجه، علماً بأن الرئيس المنتخب تعهد بالنضال من أجل تغييرات سياسية ضخمة وجريئة، وإبرام تسويات مع الجمهوريين.

وأضاف شهيد: "كما قال جو بايدن، فإن حملته تخوض معركة من أجل روح أميركا. تشكّل إدارته بداية الكفاح من أجل روح رئاسة بايدن، لا نهايته. إذا اختار إبرام صفقات مع زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، فستصبح الانقسامات داخل الحزب الديمقراطي أكثر وضوحاً".