إن كثيرين يعتقدون أن الابن الأكبر هو الأكثر نجاحاً، أو الأكثر تعقلاً، وبعض الأسر تعتقد أن الابن الأكبر محظوظ لأنه يتم توفير مساحة كافية من الوقت لرعايته والاعتناء بأموره، وتطوير مهاراته، وهناك أمهات يعتقدن أن نجاحهن في غرس القيم والعادات الحميدة في الابن البكر هي السبيل لنجاح باقي الأبناء لأنه سيكون القدوة التي يطمح إخوته لاتباعها.

وكما يوجد مفهوم سائد تجاه الابن الأكبر، يوجد مفهوم خاطىء تجاه الابن الأصغر، فيتم وصفه بالمدلل، أو حبيب والديه والعديد من الألقاب التي استدعت علماء النفس لدراستها على مدار أكثر من مئة عام، بل إن بعضهم يعتقد أن مستقبل الطفل سيختلف باختلاف ترتيبه بين إخوته، وهذا الأمر لا تستطيع نظرية أن تحتويه، وكل الدراسات التي ظهرت مهما اتفقت عليها شريحة كبيرة من البشر إلا أنك لن تجد عليها إجماعاً.

وبعض الأسر تظلم الابن الأكبر لأنها تحمله أكثر من طاقته، حتى إنه يفقد القدرة على الاستمتاع بالمراحل العمرية لتحمله مسؤولية أكبر من سنه، وأحياناً كثيرة يكون دلال الآباء للابن الأصغر نقمة تتسبب في تربيته على عدم تحمل المسؤولية، واعتماده الكلي على إخوته الأكبر سناً منه، وتنتقل هذه الاعتمادية بعد ذلك إلى جميع مراحل حياته حتى عندما يصبح مسؤولاً عن أسرة.

إن الآباء يجب أن يعدلوا في تربية أبنائهم سواء، ولا يوجد ما يدعو لتدليل أحدهم على الآخر أو تمييز طفل عن أخيه، فالنظريات التي صدرت هي نتاج حالات متكررة تتشابه فيها الظروف، ولكن لا توجد قاعدة يمكن تطبيقها على الجميع، فستجد مشكلة الطفل الأوسط الذي يعاني من كونه لا ينتمي لفئة البكر أو الفئة المدللة، مع أنه أحياناً ما يكون الطفل الأوسط الأكثر نجاحاً نظراً إلى عدم تعرضه لأي ضغوط سواء مسؤولية الطفل البكر أو التدليل الزائد لكونه آخر العنقود.

لذا يجب على الوالدين أن يحرصوا أن يعيش كل طفل سنه الطبيعي، وأن يتم تلقينه الآداب والقيم السليمة بالقدر الذي يتناسب مع كل مرحلة من مراحل عمره دون تفرقة بين كبير أو صغير.

ختاماً فإن تربية الأبناء تعتمد على ثقافة الآباء ودرجة وعيهم، فكلما زاد انتباه الآباء لقدرات أولادهم وإمكاناتهم وتلبية احتياجات كل منهم بحسب حالته وقدرته الذهنية كان الأبناء أكثر نجاحاً بغض النظر عن ترتيبهم في الأسرة.