رغم أننا في مقال سابق حذرنا من «التطير الخليجي من بايدن» محاولين بمصلحية سافرة تجاوز ميوله وتصريحاته السياسية وخبرته ومواقفه السابقة؛ إلا أننا لم نرتاح لحديثه لنيويورك تايمز قبل أسبوع حول رغبته توسيع المباحثات لتشمل دولاً لم يشملها اتفاق 2015 النووي مع إيران وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيران، ولتشمل كما يقترح الدول المجاورة لطهران كالسعودية والإمارات.

ومرد ذلك أن بايدن فاجأ السعودية والإمارات ودول الخليج بمثل هذا الأمر -رغم أن مشاركة دول الخليج في الاتفاق النووي السابق والراهن أمر مستحق- إلا أن كان هناك اتفاق خليجي أمريكي سابق غير معلن، وهذا مستبعد لأن الخليج كان يراهن على ترامب ولم يفتح قنوات مع بايدن من باب أن المجرب بالخذلان لايجرب. أما سبب عدم الارتياح الثاني فمرده أنه ربما أراد إعدام الاقتراح قبل أن يولد؛ ففي أروقة الحكم في طهران تعتبر الرياض وأبوظبي من صقور الصدام الخليجي الإيراني، مقارنة بعمان والكويت.

لاشك أن العودة إلى الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، التي تخلى عنها ترامب 2018. هي الطريق الأسلم لتلافي وصول طهران للقنبلة النووية ولوقف النوايا بقصف طهران ومفاعلاتها وإدخال المنطقة في حرب مدمرة، ونجزم أن إدخال الخليجيين في الاتفاق خطوة موفقة، توازي أهمية وقف البرنامج الصاروخي الإيراني ووقف تدخلها في الشأن الخليجي. ولأن محاولة إحياء الاتفاق تتطلب التفاوض الكامل من جديد باتفاق أقوى وبجداول زمنية مطولة لبنود الاتفاق بدل «سلقه» في جزئية واحدة كما فعل أوباما وهي تفتيش عمليات التخصيب، فإن الأمر يتطلب على الجانب الخليجي اجتماعاً بالغ الأهمية لوضع المشروع الخليجي أمام الغرب حتى لايفرض علينا شكل مشاركة إسمية أو أن تدفع الأمور لترفض إيران دخول الخليجيين.

بالعجمي الفصيح

لانستبعد أن بايدن أراد وأد مشاركة الخليجيين في الاتفاق النووي القادم حين سمى من سترفضهم طهران، وللالتفاف على ذلك تصبح مشاركة الكويت في الاتفاق النووي الجديد هي الأكثر قابلية للنجاح، ليس لأنها الأقرب لمفاعلات بوشهر وضررها فحسب، بل لأن طهران لن تجد مسوغاً لرفض الكويت مقارنة برفض مشاركة دول خليجية أخرى.