لقد تطرقت في الجزء الثاني من هذا المقال إلى المعلم المبدع والركيزة الأخرى هي المناهج الدراسة التي هي بمثابة القاعدة لتعليم المستقبل والتغير المطلوب للمناهج لا بد أن يكون تغيراً نوعياً خاصة أن التعليم كما نعلم هو الذي يحقق الاستثمار البشري الأمثل ونحن لم نتمكن من تحقيق هذا الهدف بالشكل المطلوب والدليل على ذلك أننا مازلنا نستورد حاجاتنا الأساسية من الخارج! لذا الجودة المنشودة للتعليم تتحقق عندما لا نستهلك أغلب حاجاتنا من الخارج إنما نستهلك ما ننتجه نحن بقدر الإمكان ولذا السؤال هنا ما هو التغير النوعي المطلوب في مناهج التعليم؟ أولاً أن نجعلها لا تقوم على مبدأ، ماذا يتعلم الطالب؟ إنما تقوم على قاعدة تربوية وهي: «تعليم المتعلم كيف يتعلم»، وذلك بسبب أن السرعة المعلوماتية التي يشهدها عالم اليوم لن تمكن مناهج المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها من مواكبتها إنما الثورة الرابعة التي تحدث في عالم اليوم وما ترتب عليها من السرعة في الانفجار المعرفي والتكنولوجي والمعلوماتي والذكاء الاصطناعي هي التي أصبحت المصدر الرئيسي لكل المعلومات والمعارف والمهارات التي يستطيع المتعلم الوصول إليها متى شاء وأين شاء. لذا، فالمؤسسات التعليمية في تعليم المستقبل يكون دورها الأساسي في تعليم التفكير للطالب ولكن أي تفكير؟ هل هو التفكير الاستدعائي أو الاسترجاعي الذي هو أدنى أنواع التفكير حيث يتم فيه استرجاع المعلومات السابقة من الكتاب الدراسي ومن ثم يتم اختبار الطالب فيها وهي القاعدة التي قام عليها المنهج التقليدي؟ الجواب هو بالنفي! إنما تعليمه أنواع أرقى من مهارات التفكير العليا التي تستثير كل القدرات والمهارات الدماغية العليا التي وهبنا الله إياها مثل مهارات التفكير الإبداعي والتخيلي والتصويري والنقدي والتقويمي والتنبئي والاستنباطي والاستنتاجي والتحليلي والاكتشافي وغيرها من هي في أعلى سلم التفكير وهذا ما كشفت عنه كارثة كورونا (كوفيد19) الوبائية التي أثبتت أن مناهج التعليم الموجودة وطرق التدريس غير قادرة على تعليم الطالب مثل هذه القدرات العقلية بل اكتفت بتعليم الطالب ما هو موجود في الحاضر وما كان موجوداً في الماضي ولم تكسب الطالب قدرات عقلية عليا لكي يفكر أبعد من ذلك حتى يكون قادراً على التنبؤ بالمستقبل الذي هو جزء من الزمن عند الإنسان وظهرت أهمية هذه الحاجة في حاضرنا حيث الجانحة الوبائية العالمية التي أغلقت المدارس في بعض الدول وأخذ بالتعليم عن بعد في فترة لم تكن المدارس والأسر تملك الجاهزية لهذا النوع من التعليم في أغلب الدول لمواجهة الكارثة الإنسانية لذلك وجب على القائمين على التربية والتعليم إعادة النظر في المناهج الحالية لكي نستطيع أن نحقق أهداف التعليم لخدمة البشرية.

الخلاصة أن هذا المقال يعرض وجهة نظر للسيناريو المتوقع لتعليم المستقبل وهناك جوانب لم أتطرق إليها وذلك لأني ركزت على المهم وكذلك هذا السيناريو لا يعني أن التعليم الذي كان عندنا لم يسهم في عملية التنمية المستدامة بل إن المستقبل لتطوير التعليم يتطلب كل ذلك وإن مملكة البحرين تملك تجربة ثرية في مجال التعليم جعلتها من الدول الرائدة في هذا المجال بيد أن العولمة ونتائجها فرضت علينا مسايرة الكثير من المتغيرات بالسرعة المطلوبة وخاصة في مجال التعليم الذي يحقق لنا الاستثمار البشري الأمثل لتحقيق أهداف رؤية البحرين 2030 وحفظ الله مملكة البحرين ملكا وحكومة وشعبا من كل مكروه.