أصبت بكورونا والحمد لله، دعواتكم، هذه الكلمات كانت آخر ما كتبت في «تويتر» و«واتساب» و«إنستغرام». ثم توقفت عن كل الأنشطة وانعزلت في مزرعة أجهد بعدها تطبيق «شلونك» في الكويت لتتبع مكان تواجدي وأنني ملتزم بالحجر الصحي. مشاعري كمريض أثلجها أن أتلقى 130 ألف تواصل بين دعاء ونصيحة وأقلها تضامن، ومثلها بكمية أقل من ذلك على «واتساب» و«أنستا».

ولابد من أن أقر أن المريض يعاني من امتزاج أفكاره بوجدانه في اختياره للألفاظ، وكثيراً ما يخونه التعبير، وهنا يتساوى المريض والغاضب. لقد طرحتني كورونا وكبلتني بالحمى. وجردتني من نصف حواسي ففقدت الشم والطعم إجبارياً وفقدت الكلام اختيارياً لعزلتي لوحدي أسبوعين، وقد قيل أن وسائط التواصل الاجتماعي تصلك بالعالم وتقلل شعورك بالوحدة، وهذا صحيح إلى حد ما. لكن بعض متواصلي تلك الوسائط لم يكن من الحصافة ليقدر أن من يتواصل معه على الطرف الآخر في حاجة للسلام أو السؤال أو الدعاء بدل أن يستمر في إلقاء أكوام مخلفات واتساب بما يزيد عن 50 رسالة في اليوم دون أن يراعي محتوى ما يرسل والتي تصل حد التناقض وكأن النهار لرسائل الفتنة والطائفية والفضائح السياسية وأن الليل للأفكارالعرايا الخالية من الذوق.

أما جرعة المنغصات الأخرى فمن مغرد أضفته مجاملة وكأنه لم يقرأ ما قلت عن حالتي، واستمر في إرسال تغريداته الجوفاء على الخاص يريد مني المشاركة في توزيع التفاهة بإعادة إرسالها. أما الثالث فيرسل ورود صباح الخير ودعاء الجمعة دون أن يكلف نفسه الرد بكلمة سلامات وعذره القبيح أن حسابه ممتلئ بمخلفات وسائط التواصل الاجتماعي. أما الشكل الرابع فـ«قروب واتساب» هو أكبر تجمع للبؤس البشري يكررون رسائل بعض ويعزون وهم لا يعرفون اسم الميت، ويتدثرون بالدين والوطنية مستمرين في تبادل القص واللصق أو مماحكات عمادها تنظير أجوف.

* بالعجمي الفصيح:

إذا أصابتك كورونا ستكتشف خطأ تبديل أصدقائك الحقيقيين بأصدقاء افتراضيين، هم كغثاء السيل، فاحرص على من يتصل ويسأل.

* كاتب وأكاديمي كويتي