يتساءل الكثير من المتابعين والمحللين للسياسات الدولية، هل هناك نية لضرب مواقع إيرانية بهدف إضعاف ترسانتها النووية؟ وما مصلحة دول الخليج العربي في ذلك؟

للإجابة على التساؤل الأول يجب تحليل الموضوع بشكل أعمق، فإسرائيل قبل فترة بسيطة قدمت تصريحات مهمة من قبل مسؤوليها وعلى رأسهم رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو أن «تل أبيب لن تسمح لإيران بامتلاكها أو تطوير برنامجها النووي»، وفي المقابل الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت إن «طهران قامت بزيادة تخصيب اليوارنيوم بنسبة 20٪، وهذا يخالف الاتفاق النووي الحالي التي يتمسك به الاتحاد الأوروبي».

وفي الوقت الذي يتجه الرئيس المنتخب جو بايدن لتسلم مفاتيح البيت الأبيض فانه يسعى لإيجاد اتفاق نووي جديد مع إيران قد يجعل طهران تتنفس مجدداً وتدعم أذرعها بالمنطقة لنرجع للمربع الأول في عهد باراك أوباما في فوضى جديدة يكون الاستهداف الأول فيها هي دول الخليج العربي وهذا قد لا يكرره بايدن بعد تعلمه الدرس جيداً من أخطاء تلك الإدارة وما تسببت به من أضرار لمصالح أمريكا العليا بالمنطقة.

كل هذه الأمور في ظل توقيع اتفاقيات السلام وإعلان السلام، بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين مع إسرائيل وأن يكون هذا التحالف استراتيجي لدعم الاستقرار بالمنطقة، فإن الإدارة الأمريكية المتعاقبة التي تضع ضمن أولوياتها في الشرق الأوسط حماية إسرائيل وأن لا تكون قوى نووية في المنطقة غير تل أبيب بات الأمر لا يقبل النقاش، فإن إضعاف الترسانة النووية الإيرانية قبل الاتفاق النووي الجديد أصبح ليس ضرورة ملحة بل هي الحل أو الطريق الأنسب لإرغام إيران لاتفاق جديد بشروط أمريكية.

وبالتالي يدفعنا الأمر للإجابة على التساؤل الثاني عن مصلحة دول الخليج العربي من ذلك، فمع التحركات الأمريكية ومستوى الاستعدادات لهجمات مرتقبة على إيران فقد قامت دول الخليج العربي بتسوية الخلافات التي بهدف لم الصفوف للمواجهة المرتقبة إن كانت عسكرية أو دبلوماسية لتكون طرف رئيس بالاتفاق النووي الذي تعتزم الإدارة الأمريكية الجديدة أن تعقده مع طهران.

خلاصة الموضوع، إذا أردنا التعمق أكثر بخصوص إيجابيات وسلبيات الضربات العسكرية الأمريكية، علينا التفطن من دروس الدبلوماسية في علم التفاوض، أحياناً يكون للأسلوب العسكري منفعة لإرغام الطرف الآخر على القبول بشروط الطرف الأول وكمثال قريب وليس ببعيد فهجمات دول التحالف لدعم الشرعية باليمن قد جلبت الحوثيين لطاولة التفاوض لإيجاد حل سياسي للأزمة، ومع مقاربة ذلك فان الضربة العسكرية الأمريكية إذا كانت مدروسة بشكل متقن ستجلب طهران لطاولة التفاوض مرغمة لتنفيذ شروط واشنطن الجديدة التي ستكون دول الخليج العربي طرفاً فيها.