لاحظ الجوار الإقليمي كذبة غياب الخطائين التوابين إستراتيجياً في عواصم مجلس التعاون بعد إنجاز المصالحة الخليجية، فخرجت على شكل نظرة ارتياح في بعدها الرسمي من طهران وأنقرة، إلا أنه من الصعوبة تجاوز حقيقة أن الأزمة كانت ثغرة قد تم سدها، وهي التي لم يتوقع الطرفان توافرها لتحقيق مشروعهم في الخليج، وتمني تأخر رأب الصدع الذي يعني اتفاقاً جماعياً في القضايا الجيوستراتيجية وإن اختلفت طرق الوصول إلى ذلك.

في إيران ومن يتبعها، هناك من يتحامل على دول الخليج، مدخلاً المصالحة في إطار التطبيع، وتوحيد الصفوف في جولة صراع أمريكية إيرانية قادمة، كما فسرتها بأنها حاجة لموقف خليجي موحد لتكون طرفاً في أي اتفاق مستقبلي في الاتفاق النووي، ما يخرج المصالحة بهذه التفسيرات من إطارها كرغبة أصيلة لشعوب المنطقة وحكامها.

أما في أنقرة فلا يمكن نفي استغلال الأزمة للتوغل جنوباً، وتوسيع نفوذ تركيا في الخليج، بدليل عدم وقوف تركيا موقف المتفرج، أو الحياد. ورغم أنه خصم من رصيد أردوغان في المنطقة فإنه لم يتردد في المكابرة بالقول إن المصالحة الخليجية تعني عودة تركيا إلى مكانتها داخل الخليج، وإن هذا سيزيد من قوة مجلس التعاون!! فأنقرة تقر بأنها شريك إستراتيجي هزته الأزمة الخليجية وذلك عكس ما يرى الخليجيون في أن التقرب لتركيا سبب من أسباب الأزمة وليس نتيجة من نتائجها.

بقي أن نشير إلى أن المصالحة الخليجية خصمت من رصيد إيران وتركيا من منطلقات عروبية وليس تحدياً خليجياً فحسب، فالمصالحة تعني خلق ظروف جديدة في نظام الأمن الإقليمي والعربي وقد لا تُبعد أطراف المصالحة عن طهران وأنقرة، لكنها لن تقرب عواصم خليجية أخرى لهما فإعادة تأسيس الثقة بين الدول الخليجية لا يعني عودتها مع طهران وأنقرة فهناك بعد عربي لم يحسم في ليبيا وسوريا والعراق والجزر الإماراتية والمشروع النووي.

* بالعجمي الفصيح:

إيران وتركيا في موقف ضعف، فقد حطم ترامب مصادر القوة لطهران، وأثخنت أنقرة مغامرات وعزلة وانسحابات وعقوبات جلبها أردوغان، ما يجعل المصالحة الخليجية بوابة مصالحات أوسع يكون الخليج فيها بموقف تفاوضي أفضل.

* كاتب وأكاديمي كويتي