هدى عبدالحميد

مع اقتراب نجاح لقاحات كورونا في الحد من انتشار فيروس كورونا التي تمهد للعودة لحياة الطبيعية يعاني بعض الأطفال من رهاب الخروج من المنزل والذهاب إلى المدرسة بعد فترة التباعد الاجتماعي التي صاحبت الإجراءات الاحترازية.

وأكد نفسيون واجتماعيون أنه يجب تهيئة الأطفال للتغلب على رهاب العودة للاندماج بالمجتمع والذهاب للمدارس بشكل آمن من خلال عقد لقاءات افتراضية مع زملائهم بالمدرسة من خلال المنصات الإلكترونية من أجل زيادة دافعية الطفل للعودة للمدرسة ولقاء أقرانه ليتمكن من العودة للدارسة بشكل تدريجي.



وأكدت الدكتورة دنيا أحمد في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة البحرين "لا بد من أن نعي أن حالة الرهاب لدى الأطفال هي حالة طبيعية تصيب العديد من الأطفال يشعر بها الأطفال حديثو الذهاب إلى المدرسة أو عند العودة للدراسة بعد إجازة طويلة كالإجازة الصيفية أو نتيجة الانتقال من مرحلة دراسية إلى مرحلة أخرى أو من مدرسة إلى مدرسة وهذا الإحساس من الأمور الطبيعية".

ولفتت إلى أن الطفل لديه سرعة التكيف والتأقلم عالية أفضل من الكبار، فبقدر ما يكون لدى الطفل تخوف فهو قادر على أن يعبر عنه بعفوية من خلال البكاء فنجد الطفل حديث الدخول للمدرسة يبدأ في الصياح ثم سرعان ما يتأقلم مع البيئة المدرسة، ما يجعله سعيداً بوجوده في المدرسة، وسرعة التأقلم تتفاوت من طفل إلى آخر بحسب شخصية الطفل.

وأشارت إلى أن فترة التباعد الاجتماعي بسبب فيروس كورونا زادت من العزلة لدى الأطفال فلم يقتصر فقط على عدم ذهابهم إلى المدرسة وإنما أيضاً افتقادهم للتجمعات في البيت العود والتجمعات العائلية والخروج للعب والتنزه ما سيجعل تكيفه والتغلب على الرهاب أصعب حالياً من الظروف العادية.

وبينت أنه يجب أن يمهد للطفل قبل الرجوع إلى البيئة المدرسية من خلال زيادة تواصل الطفل مع أقرانه عبر مواقع التواصل الاجتماعي والعودة للزيارات العائلية مع الخروج بصحبتهم للتسوق، ولكن يجب مراعاة أن اللقاح لن يغني عن الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي.

وأكدت أن عودة الأطفال للحياة لن يكون بشكل طبيعي فيجب توعية الأطفال بطريقة التعامل مع الآخرين والحفاظ على المبادئ الأساسية للنظافة والحفاظ على التباعد الاجتماعي فهذه السلوكات الأطفال باتوا على دراية كبيرة بها وباتوا نوعاً ما قادرين على الحفاظ على صحتهم باتخاذ الإجراءات الوقائية وإن كانت ليست بالمستوى الذي نطمح فيه، فيجب أن نستثمر فيه لتصبح عادة لديهم.

ولفتت الدكتورة دنيا إلى أنه مع العودة إلى المدارس والتعود على التعليم عن بعد رغم صعوباته يجب أن تكون العودة إلى الدراسة بشكل تدريجي من خلال الدمج بين العودة النظامية والتعليم الإلكتروني لتصبح هذه السياسة التعليمية مستمرة ففي السابق عند انتشار بعض الأمراض بين الأطفال كالجدري المائي كان الطفل يتغيب مدة أسبوعين ما يفقده كثيراً من المهارات التعليمية، أما مع اتباع نهج الدمج في التعليم من خلال بث الفيديو الدراسي لن يشعر الطالب في حالة مرضه بالعزلة وستكون عزلة إيجابية وأي فترة انعزال لن يكون هناك صعوبة في الاندماج مرة أخرى وخاصة أنه لن يفقد المهارات التعليمية التي اكتسبها أقرانه فلن يشعر باختلاف.

من جانبه أكد أستاذ علم النفس المشارك بكلية الآداب بجامعة البحرين الدكتور توفيق عبدالمنعم ضرورة أن تتم تهيئة الطفل قبل خروجه للمدرسة من حيث عقد لقاءات افتراضية مع زملاء الدراسة من خلال المنصات الإلكترونية من أجل زيادة دافعية الطفل للعودة للمدرسة ولقاء أقرانه.

أضاف عبدالمنعم: "كما يمكن إحضار بعض الكتب المدرسية الخاصة بالطفل وتصفحها معه، والذهاب مع الطفل للمكتبة وشراء بعض الأدوات المكتبية المحببة للطفل وعمل بعض الجولات البسيطة مع الطفل كالخروج للمتنزهات، وذلك حتى نقلل من إحساس الطفل بالعزلة خلال فترة التباعد الاجتماعي".

وقال أيضا: "مما لا شك فيه أنه ليس كل الأطفال سيكون لديهم الإحساس بالمخاوف تأثراً بفترة الجائحة وإنما هناك أمور تحدد هذا منها طريقة رعاية الطفل في فترة التباعد الاجتماعي وتوفير بدائل للطفل لتعويض عدم التواصل مع أقرانه الفترة التي يقضيها الوالدان مع الأبناء".