كم كان رائعاً أن يتوج يوم الدبلوماسية البحرينية 14 يناير بخبر الإفراج عن أبناء الوطن من البحارة ومرتادي صيد البحر المحتجزين في قطر. فهذه هي الدبلوماسية البحرينية، وهذه هي مدرسة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أيده الله في فن التعامل مع الأزمات، إقران القول بالفعل، والحكمة والكياسة.

وكما هو جلي للجميع، فقد استبشر كل أهل البحرين خيراً وفرحاً بتوقيع اتفاقية العلا من قبل قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وكان الجميع متفائلين بعودة اللحمة الخليجية، لكن سرعان ما عادت لقلوب الجميع غصة مع هذا التصعيد الحدودي، الذي رافقته هجمة إعلامية شرسة، ليس في مملكة البحرين فحسب، ولكن في كل دول الخليج. كأننا لم نتعلم بعد من كل الذي حصل في السنوات الماضية، والكوارث التي تهدد هذه المنطقة الحساسة في اقتصاد العالم. ورغم هذا العتب والألم، فإن لنا جميعاً رجاء ودعاء في أن تتغلب الحكمة والتعقل، وتسمو روح تغليب المصالح الكبرى للمنطقة على المكاسب الإقليمية الضيقة، حتى لا تنازعوا وتذهب ريحكم. ولنا في قيادتنا الحكيمة، والقيادات الخليجية كل الثقة في قدرتها على التعامل مع الأوضاع والمستجدات في المنطقة.

وعند الحديث هنا عن مدرسة الملك حمد في فن الدبلوماسية، تعود بي الذكريات عشرين عاماً إلى الوراء، فى عام 2000، في السنة الأولى لتولي سيدي حضرة صاحب الجلالة مقاليد الحكم في البلاد، حضرت ضمن جمع من الفعاليات المجتمعية والأكاديمية في البحرين ندوة عن تجاوزات قطر في حق البحرين وأبنائها، وبالذات الصراع الحدودي البري والبحري. وقد ألقى المتحدثون واحداً تلو الآخر خطباً للرد على سلوك القيادة القطرية، وسط تصفيق الحضور. ثم جاء الخبر الذي أبهر الجميع، سيدى الملك حمد سيتواصل مع الحضور ويلقى كلمة مباشرة في هذا التجمع الوطني. هنا كانت المفاجأة، أذكر تلك اللحظة جيداً، قال جلالته: لا نرضى على التفوه بكلمة سوء ضد أهلنا في قطر، وأهل قطر هم أهل البحرين. ودعا جلالته للوحدة مع قطر، التى فيها حل جذري لكل الهموم والغيوم. نعم هذه مدرسة حمد بن عيسى، لكن تظل الحاجة إلى الوحدة الخليجية كحل للكافة المشاكل، بما فيها الحدودية في المنطقة، هي المطلب الأساس لكل شعوب وأبناء الخليج.

* دكتور طب عائلة في جامعة الخليج العربي