إلى متى؟

كاتبة قطرية وضعت صورتي وخاطبت الشعب القطري قائلة له لا تنسوا ما كتبت عنا أيام «الحصار»!!

أختى العزيزة

تذكرينني بمشهد في الأفلام المصرية القديمة، حين يصدر حكم القاضي على متهم فتقوم ابنة المتهم الذي ثبتت عليه جرائمه وحكم عليه بالسجن، بالالتفات لأبناء الضحية تهددهم بالانتقام لأبيها!!

القصة يا عزيزتي لم تبدأ بصدور الحكم على المتهم حتى تغضب ابنته من الحكم الذي صدر بحق والدها، القصة بدأت منذ الزمن الذي ارتكب فيه أبوها جرائمه، ثم تأتي المرحلة اللاحقة وهي الحكم عليه، ذات الشيء بالنسبة لنا ولكم، فالقصة لم تبدأ بإصدار الحكم بالمقاطعة أو بما كتبناه عن المقاطعة، القصة بدأت قبل ذلك بكثير.

فتعالي إلى كلمة سواء عادلة ومنصفة وخذي الحق من فمك لا من فمنا، قصتنا مع نظامكم لا تبدأ في «حصاركم» قصتنا بدأت قبل عشرين عاماً أثناءها سالت دماء على إسفلتنا وفيها اضطرابات أمنية وخسائر وأرواح بشرية، وفيها خسائر حدودية وشكاوى وتزوير وثائق وفيها الكثير من الاعتداءات التي صمتت البحرين عليها تجنباً للأزمة وحفاظاً على اللحمة الخليجية، لم نقاطع إلا بعد أكثر من عشرين سنة من الاعتداءات التي لم تتوقف حتى اللحظة.

ومع ذلك.. ومع ذلك.. وللمرة الألف قلنا إن جنحتم للسلم فأهلاً وسهلاً، إن طويتم الصفحة فعلاً.. نطويها نحن، تبقون أهلاً وتبقون أخوة وتبقون أشقاء، وفرحتكم بفتح الحدود مع أشقائكم لا توازيها فرحة عندنا، لقد فرحنا لفرحكم، بل دعونا الله مخلصين وصادقين بأن يخيب ظننا ويصدق نظامكم هذه المرة على الأقل إكراماً لكم، دعونا الله أن لا تصدق ظنونا التي توقعت أن يكون الصلح شكلياً بل تمنيناه من قلوبنا أن يكون حقيقياً ونعود كما كنا دائماً وأبداً أهل وأحبة، وتعودين كما كنت ونتمنى زميلة عزيزة لا نقبل بالإساءة لك، ولكن ظننا لم يخب مع الأسف وصدق ظننا أيضاً مع الأسف.

والله يا أختي لو تقرأين صيغة القسم والتعهد التي وقع عليها أميركم صاحب السمو تميم عام 2013 وتفاصيلها والملزمة لكل الأطراف التي وقعت بما فيها البحرين، ثم بعد ذلك ترين ما قامت به دولتكم الموقرة منذ عام 2013 إلى عام 2017 لا استحينا جميعاً من التزام جميع الدول الخمس عدا قطر بالتعهد، ولا استحينا جميعاً من صبر الأرض على نظامكم، ومن الفرص التي أعطيت له ولم يتعظ بها، فما جاء عام 2017 إلا والكيل قد فاض، ومن بعدها اتخذنا قرار المقاطعة نحن الدول المتضررة من نظامكم.

وها نحن أمام اتفاق العلا من جديد استبشرنا خيراً وفرحنا بنجاح المفاوضات والوساطات وقلنا نرتجي أن يتغير الحال ويتغير السلوك وتتغير العقلية ونكمل فرحتكم وفرحة الأشقاء في الخليج معكم، وفرحنا كذلك بالإفراج عن البحارة وقلنا بادرة طيبة لعل وعسى والخارجية عندنا وجهت الدعوة لخارجيتكم، ولا من مجيب للأيدي الممدودة، فكيف بالله عليك وجزيرتكم مازالت تعمل على كل ما يسيء للبحرين والإمارات ومصر؟

كيف بالله عليك وبحارتنا مازالوا يعتقلون ويهانون وتصادر طراريدهم عندكم؟ كيف بالله عليك ونحن نتعامل بالحسنى معكم وأنتم لا تقابلون الإحسان بالإحسان بل بالإساءة؟

كيف سنمضي قدماً؟ كيف ستأمن المنطقة وشعوبها وإصراركم على هدم كل جسر وكل طوبة توضع في بناء الثقة؟

لأطلعك عزيزتي على سلوك البحرين تجاه أشقاء قطريين دخلوا مياهنا الإقليمية وقارنيها مع ما فعلتموه مع أشقاء لكم بحرينيين دخلوا مياهكم الإقليمية كما تدعون واحكمي بنفسك.

هذا بيان من وزارة الداخلية البحرينية:

«أعلنت وزارة الداخلية بأنه حوالي الساعة التاسعة وخمس وأربعين دقيقة من صباح اليوم تحفظت خفر السواحل البحرينية على ثلاثة مواطنين من دولة قطر الشقيقة بينما كانوا يزاولون الصيد غير المشروع في إحدى المحميات الطبيعية خلافاً للقانون وباستخدام بنادق الصيد البحري.

وقدم تم إبلاغهم من قبل إدارة خفر السواحل بأن جميع الأشقاء من دولة قطر الشقيقة مرحب بهم في أي وقت وأي مكان داخل مملكة البحرين...

وقد تم إخلاء سبيل الأشقاء الثلاثة مع منحهم حرية اختيار الإقامة لبعض الوقت في مملكة البحرين كأخوة أعزاء أو المغادرة والعودة لبلدهم في حال أرادوا ذلك لإتاحة المجال أمامهم لقضاء شهر رمضان المبارك بين ذويهم وأهلهم وبما يجسد المواطنة الخليجية الحقة واستلهاماً لروح الشهر الفضيل». 10 أغسطس 2010.

ومنذ ذلك البيان إلى اليوم مرت عشر سنوات زاد عدد من اعتقلتهم قطر وإهانتهم وصادرت مراكبهم من البحرينيين على 2000 بحريني!

فإن سمعتم منا ما أزعجكم فذلك لم يكن سوى ردة الفعل لا الفعل.

ودمتم لنا أشقاء رغم كل شيء.