ترتبط مملكة البحرين بعلاقات تاريخية وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية تقوم على ‏قواعد راسخة من الثقة والاحترام المتبادل والشراكة المتنامية على مختلف الأصعدة السياسية ‏والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والدفاعية، في إطار الحرص المشترك على رعاية مصالح ‏الشعبين الصديقين، وسيادة الأمن والسلام والرخاء والاستقرار في المنطقة والعالم.‏

ومع تولي الرئيس المنتخب جون بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية رسميًا (الأربعاء 20 ‏يناير)، تدخل العلاقات البحرينية الأمريكية فصلاً جديدًا من الشراكة الاستراتيجية الوطيدة منذ ‏انطلاقها بتأسيس أول مستشفى أمريكي في البحرين والخليج العربي عام 1893، وازدهارها على ‏الصعيد المؤسسي بإقامة العلاقات الدبلوماسية قبل خمسة عقود وافتتاح أول سفارة أمريكية ‏بالمنامة بالتزامن مع انضمام المملكة إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية في 21 سبتمبر 1971. ‏

واكتسبت العلاقات الودية بين البلدين الصديقين دفعة إيجابية وزخمًا كبيرًا خلال العهد ‏الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ‏ورعاه، في ظل التقدير الواسع، وعلى مدى تعاقب الإدارات الأمريكية، للتجربة البحرينية الرائدة ‏بقيادة جلالة الملك المفدى في الإصلاح السياسي واحترام حقوق الإنسان، والسياسة الخارجية ‏المتوازنة والمعتدلة في ترسيخ التعايش السلمي والتسامح ‏والحرص على ‏التسوية السلمية للمنازعات الإقليمية والدولية، ومكافحة التطرف والإرهاب.‏



وتجسد هذا التقدير الأمريكي للنهج الحكيم لجلالة الملك المفدى في منح جلالته وسام ‏الاستحقاق برتبة قائد أعلى من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقديرًا لدور جلالته في توطيد علاقات الصداقة والشراكة الوثيقة بين البلدين، ‏وإسهامات جلالته ايده الله في ترسيخ موقع مملكة البحرين كحليف استراتيجي ثابت وشريك يعمل إلى جانب ‏الولايات المتحدة الأمريكية في تعزيز الأمن والاستقرار والازدهار وفق رؤية حكيمة لنشر السلام في ‏المنطقة.‏

هذه السياسة البحرينية الحكيمة كانت ولا تزال محل تقدير من قبل الإدارات الأمريكية ‏على مدى العقود والسنوات الماضية، حيث سبق تصنيف المملكة في 15/3/2002 كحليف رئيس ‏للولايات المتحدة خارج حلف ‏"الناتو"، واختيارها من قبل البيت الأبيض كشريك أمني استراتيجي ‏إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في يناير 2021، بعد مشاركتهما في العديد من ‏التحالفات بقيادة الولايات المتحدة على مدى الثلاثين عامًا الماضية، ودعوة جلالة الملك للمشاركة ‏في قمة الدول الثماني ‏الصناعية الكبرى في ولاية جورجيا الأمريكية في يونيو 2004، وفوز جلالته ‏بجائزة منظمة التعايش بين الأديان والحضارات عام 2014، وجائزتي "الإنجاز مدى الحياة" من ‏منظمة (‏C3‏) و"صموئيل زويمر" من الكنيسة الإصلاحية عام 2016، وغيرها من الجوائز والإشادات ‏الأمريكية بإسهامات جلالته الرائدة في ترسيخ الحريات الدينية والتسامح والسلام، وتصنيف ‏المملكة في الفئة الأولى عالميًا، وللعام الثالث على التوالي، في مكافحة الإتجار بالأشخاص، واحترام ‏حقوق العمالة الوافدة وفقًا لتقرير الخارجية الأمريكية.‏

وقد أعرب جلالة الملك في 12 نوفمبر 2018 عن اعتزازه بهذا التعاون التاريخي الاستراتيجي ‏بين بلدين حليفين وصديقين منذ عقود طويلة واستمرارهما "كشركاء في ضمان أمن الخليج وأداء ‏الواجبات والمهام المشتركة من أجل أمن المنطقة ومكافحة الإرهاب وحماية طرق الملاحة والتجارة ‏العالمية"، تلك الشراكة التي اكتسبت دفعة جديدة بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن ‏حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى واشنطن في سبتمبر 2019، والتقائه الرئيس الأمريكي ‏وكبار المسؤولين.

وتعكس الشراكة الدفاعية والاستراتيجية الوطيدة التزام البلدين الصديقين بتعزيز ‏التعاون الثنائي والدولي في مكافحة الإرهاب والتصدي لأنشطة النظام الإيراني المزعزعة ‏للأمن ‏والاستقرار في المنطقة والعالم، ما تم تأكيده في القمتين ‏الخليجية الأمريكية والعربية الإسلامية ‏الأمريكية بالرياض في 21 مايو 2017، ونصت عليه الاستراتيجية الأمريكية ذات الصلة، وتصنيف ‏‏"الحرس الثوري" و"سرايا الأشتر" على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، وسط مطالبات ‏دولية لطهران باحترام المواثيق والقوانين الدولية ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون ‏الداخلية للدول الأخرى، وإخلاء المنطقة من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية.‏

وحرصًا على ترسيخ السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط، اتخذت مملكة ‏البحرين، وبرعاية أمريكية، خطوة تاريخية بإقامة العلاقات الدبلوماسية مع دولة إسرائيل في ‏أكتوبر الماضي، بعد توقيعها في واشنطن على إعلان تأييد السلام وإقرار مبادئ اتفاق إبراهيم ‏للتعايش بين الأديان السماوية، بعد الإشادة الأمريكية والدولية باستضافة المنامة لورشة "الازدهار ‏من أجل السلام" في يونيو 2019، بما يجسد النهج البحريني الثابت في الانفتاح ونشر رسالة المحبة ‏والسلام والتعايش مع الجميع، وحرص جلالة الملك المفدى كما أكد في كلمته السامية أمام الجمعية ‏العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 24 سبتمبر 2020 على "تكثيف الجهود لإنهاء الصراع ‏الفلسطيني- الإسرائيلي وفقاً لحل الدولتين، وتحقيق السلام العادل والشامل والمؤدي إلى قيام ‏الدول الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية ‏ومبادرة السلام العربية".‏

وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، تحرص مملكة البحرين على تعزيز التعاون مع الولايات ‏المتحدة الصديقة في مجالات التجارة والاستثمار والنفط والعمل والجمارك والنقل الجوي ‏والبحري، والذي يعود إلى عام 1929 حيث تأسيس شركة بابكو‏ بواسطة إحدى الشركات ‏الأمريكية ‏ونجاحها في اكتشاف النفط كأول دولة خليجية عام 1932، مرورًا بتوقيع العديد من الاتفاقيات ‏ذات الصلة، وأهمها: اتفاقية للتجارة الحرة في 14 سبتمبر 2004 هي الأولى من نوعها خليجيًا ‏والثالثة عربيًا، ودخولها حيز التنفيذ في أول أغسطس 2006، لتفتح آفاقًا رحبة لتبادل الخبرات ‏الفنية والبشرية والاستثمارات في مجالات التعليم ‏والتدريب والصحة وتكنولوجيا المعلومات ‏والاتصالات وحماية حقوق الملكية الفكرية ‏والبيئة.‏

وانعكست هذه الأجواء على ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العهد الزاهر ‏لجلالة الملك المفدى من 663 مليون دولار عام 1999 إلى 2.45 مليار دولار عام 2019، منها صادرات ‏أمريكية بقيمة 1.4 مليار دولار أغلبها من الطائرات والغلايات والسيارات والآلات الكهربائية، في ‏مقابل صادرات بحرينية بقيمة 1.05 مليار دولار من الألمنيوم، والنفط، والمنسوجات، والبلاستيك، ‏وتجاوزت التجارة البينية 1.32 مليار دولار خلال العام الماضي بنهاية نوفمبر 2020، هذا إلى جانب ‏مواصلة أكثر من 200 شركة أمريكية استثماراتها في المملكة ، وتواجد العديد من المشروعات ‏الاستثمارية والتجارية البحرينية في الأسواق الأمريكية.

إن مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى ودعم صاحب السمو الملكي ولي ‏العهد رئيس مجلس الوزراء، تؤكد دائما ‏اعتزازها بالتحالف التاريخي المتواصل بين البلدين الصديقين منذ 128 عامًا، وتطلعها إلى مستقبل ‏مشرق من استدامة الشراكة الاقتصادية والأمنية الاستراتيجية في إطار الحرص على حفظ أمن ‏الخليج العربي واستقرار المنطقة العربية والشرق الأوسط، ومواصلة البلدين الصديقين دورهما المحوري في تعزيز الأمن والسلم الدوليين، والتعاون المشترك لما ‏فيه خير وصالح البلدين والشعبين الصديقين وشعوب المنطقة والعالم أجمع.‏