الانتماء للوطن يعد ركيزة من ركائز القيم الوطنية التي يُنظر إليها بكثير من الاحترام والتقدير. والانتماء -لمن لا يعرف- هو حالة حسية إيجابية يشعر من خلالها المرء بانسجامه مع وطنه، ومن ثم يسلك كل السلوكات الإيجابية التي من شأنها أن يوصف معها بأنه محبٌ لوطنه، مخلصٌ له، مدافعٌ عنه.

والإنسان منذ ولادته تولد معه نزعة الانتماء لذلك فإن الأسرة هي الوعاء الأول الذي يُستقى منه الانتماء ومن ثم الولاء.

ومن هنا يبدأ دور الأسرة في تقويم الأبناء وغرس القيم الصحيحة في قلوبهم وعقولهم، وعلى رأس هذه القيم حب الوطن. فإن حب الوطن هو الدرجة الأولى على سلم الرقي والتقدم. ولذلك فإن دور الأسرة في تلقين الناشئة قيمة حب الوطن لا يقل أهمية عن دورهم في تلقينهم أمور دينهم. لذا يجب على أرباب الأسر أن يحرصوا على أن يظهروا هذا الانتماء لأبنائهم؛ لأن الآباء بطبيعة الحال هم المثل الأعلى لأبنائهم. ويمثل الانتماء في حد ذاته حاجة من الحاجات الضرورية للإنسان التي يحرص على إشباعها ليقهر عزلته وغربته ووحدته، وهو سبب رئيس في تماسك أفراد المجتمع.



ومن الثابت أن المرء لا يستطيع أن يشبع حاجته للانتماء إلا من خلال جماعة يعتنق معاييرها ومبادئها، وقيمها، جماعة تستطيع أن تشبع حاجاته الأساسية وتحميه ويستمد قوته منها وتحقق ذاته وتقدره. فكلما ارتفعت مؤشرات الانتماء، كان أفراد المجتمع أكثر تماسكاً وقدرة على مواجهة التحديات، والتزاماً بالقوانين والقواعد السلوكية، واحترام العادات والتقاليد، والفخر برموزهم الوطنية والاعتزاز بوطنهم، وكلما هبطت مؤشرات الانتماء ارتفعت معدلات التمرّد والعنف ومخالفة القوانين، والتستر على الخائنين، والفاسدين، والتعاون مع العدو ضدّ مصلحة الوطن. فإذا كان حب الوطن واجباً على كل فرد تجاه وطنه، فهذا الواجب ينبغي أن يدفعنا إلى أن نعزز حالة الانتماء وأن نتكاتف ونتعاون ونتآلف لبناء وطننا بالوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات.