سكاي نيوز عربية


اسمها نورية اليعقوبي، سيدة مغربية لا حدود لطموحها، فقدانها البصر في سن مبكرة، لم يفقدها عزيمتها وشغفها بالحياة. يقارب عمرها الستين سنة، تعيش مع زوجها وأبنائها الأربعة بمدينة سطات، غير بعيد عن العاصمة الإقتصادية الدار البيضاء، حاصلة على شهادتيْ ماجستير وعلى الحزام الأسود في الفنون القتالية وكذلك فنانة تشكيلية وعازفة على آلة البيانو.

امرأة عصامية، وهبت حياتها لمساعدة الاخرين، أوقدت شعلة الأمل في العديد من الناس الذين عاشوا إلى جانبها، وشاهدوا صعودها عن قرب، وأقسمت أن لا تنهزم أمام الإعاقة.

تجربة مريرة مع المرض


تحكي السيدة نورية بحرقة، لسكاي نيوز عربية، عن تجربتها المريرة مع المرض الذي أطفأ نور عينيها. كانت طفلة صغيرة، عندما أجرت أول عملية جراحية على عينها اليسرى بالجزائر، حيث كانت تقيم مع أسرتها. عملية لم تكلل بالنجاح.

بعد استقرارها بمعية والديها وإخوتها بمدينة فكيك بشرق المغرب، لم تتمكن الطفلة الصغيرة من مواصلة علاج عينها اليسرى، إلى أن فقدت نعمة الإبصار.

وبقلب مِلؤه الإيمان، واصلت الطفلة نورية دراستها. كانت تذهب إلى المدرسة كل يوم، وهي كلها يقين بأن ما يحمله المستقبل، سيكون أفضل.

أبدت نورية اهتماما قل نظيره بالأرقام، والحساب وكل ما يتعلق بالعلوم والرياضيات. فراستها وتعاملها السلس مع الأرقام، جلب لها إعجاب أساتذتها بها، فصارت مصدر فخر لهم. اهتمت التلميذة النجيبة، أيضا بالفنون، لا سيما الرسم والموسيقى.

بعد انتقالها إلى مدينة الدار البيضاء، لمتابعة دراستها العليا، شاءت الألطاف الإلهية، أن تفقد نورية، وهي في ريعان شبابها، نعمة النظر كليا؛ عينها اليمنى أصبحت عاجزة عن الإبصار، وهي في ربيعها الثاني والعشرين.

واصلت نورية مشوارها، بخطى ثابتة، رغم وضعية الإعاقة. وبعد أن أسست أسرة بالدار البيضاء، وأصبحت أما لأربعة أطفال، واصلت دراستها. فحازت على شهادة ماجستير في الاقتصاد سنة 2015. ثم شهادة دراسات عليا ثانية في البرمجة الإلكترونية.

تحدي الإعاقة

"في البداية، كان الأساتذة يظنون أنني لن أتمكن من مواكبة الدروس"، تحكي نورية لسكاي نيوز عربية، "سواء في الاقتصاد أو البرمجة، لم يُخفِ الأساتذة تخوفهم من إمكانية تلقي الدروس وفهمها من طرف طالبة كفيفة. لكن وبحمد الله، تمكنتُ من وضع بصمتي، والتغلب على كل العقبات التي واجهتني، حتى تمكنت من نيل هاتين الشهادتين".

وأردفت السيدة نورية، بصوت فخور مفعم بالامتنان لله : "أتذكر كيف أن بعضا من الأساتذة الذين درسوني، لم يكفوا عن البكاء، فرحا، عندما نلت شهادة الماجستير. كانوا فخورين جدا بي".

من بين المبادرات التي أطلقتها لمساعدة المكفوفين، قامت نورية بتطوير برنامج معلوماتي يمكن من كتابة حروف اللغة الأمازيغية "تيفيناغ" بطريقة "برايل" المخصصة للمكفوفين.

وأطلقت نورية على مشروعها اسم «محول تيفيناغ»، والذي تكلف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بتوفيره لكل شخص كفيف طلب الاستعانة به حتى يستطيع ضعاف البصر قراءة التيفيناغ كما يقرأها المبصر.

وبالإضافة إلى اهتمامها بالبرمجة، فإن هذه الستينية، تقضي كثيرا من وقتها في الرسم وصناعة لوحات بالسيراميك. لوحاتها الفنية، أثارت إعجاب عدد من المهتمين بالفن. وعبرت لسكاي نيوز عربية، عن فخرها بزيارة، الملك محمد السادس، لأحد المعارض التي نظمتها بمدينة فكيك، وكيف أنه شجعها على المزيد من العطاء.

العزف على آلة البيانو

وفي أوقات فراغها، تشتغل نورية، المُحبة للموسيقى وآلة البيانو، على إعداد دروس للمهتمين بالموسيقى من المكفوفين.

"للأسف، ليس هناك العديد من المراجع الخاصة بالمكفوفين في الميدان الموسيقي، تقول السيدة نورية، لذلك أشتعل أنا وزوجي على إعداد وثائق، تساعد هذه الشريحة من تعلم الموسيقى. نقوم غالبا بترجمة كتب باللغة فرنسية، إلى العربية، لتسهيل تلقين -السولفيج- إلى المتعلمين المكفوفين"

من الصعب جدا أن تصدق أنها امرأة كفيفة، خاصة عندما تراها تتفنن في صنع حلوى "الشباكية" الرمضانية، أو حين تعد أطباقا شهية وهي تدندن أغانيها المفضلة، وتقوم بكل أغراض البيت مثل أي سيدة مبصرة، تُدخل الخيط في الإبرة، وتخيط ثياب أبنائها، تستمتع بمزج الألوان وتشكيل لوحاتها الفنية، وتجتهد دون كلل في ممارسة حركات "الكاراتيه" بكل رشاقة، معتمدة في ذلك على حدسها وتركيزها القويين.

وتبقى نورية اليعقوبي مثالا يحتدى به في الصبر والجد ونكران الذات، ومصدرا لا ينضب للعزيمة والتجلد. ويبقى حلم نورية التي لا تزال تكرس وقتها للآخرين عن طريق العمل الجمعوي، حسبما أسرّت لسكاي نيوز عربية، هو أن تتمكن من مساعدة أطفال القرى والمناطق النائية على متابعة دراستهم والحصول على شهادات عليا تمكنهم من الارتقاء وتحقيق أحلامهم.

اسمها نورية اليعقوبي، سيدة مغربية لا حدود لطموحها، فقدانها البصر في سن مبكرة، لم يفقدها عزيمتها وشغفها بالحياة. يقارب عمرها الستين سنة، تعيش مع زوجها وأبنائها الأربعة بمدينة سطات، غير بعيد عن العاصمة الإقتصادية الدار البيضاء، حاصلة على شهادتيْ ماجستير وعلى الحزام الأسود في الفنون القتالية وكذلك فنانة تشكيلية وعازفة على آلة البيانو.

امرأة عصامية، وهبت حياتها لمساعدة الاخرين، أوقدت شعلة الأمل في العديد من الناس الذين عاشوا إلى جانبها، وشاهدوا صعودها عن قرب، وأقسمت أن لا تنهزم أمام الإعاقة.

تجربة مريرة مع المرض

تحكي السيدة نورية بحرقة، لسكاي نيوز عربية، عن تجربتها المريرة مع المرض الذي أطفأ نور عينيها. كانت طفلة صغيرة، عندما أجرت أول عملية جراحية على عينها اليسرى بالجزائر، حيث كانت تقيم مع أسرتها. عملية لم تكلل بالنجاح.

بعد استقرارها بمعية والديها وإخوتها بمدينة فكيك بشرق المغرب، لم تتمكن الطفلة الصغيرة من مواصلة علاج عينها اليسرى، إلى أن فقدت نعمة الإبصار.

وبقلب مِلؤه الإيمان، واصلت الطفلة نورية دراستها. كانت تذهب إلى المدرسة كل يوم، وهي كلها يقين بأن ما يحمله المستقبل، سيكون أفضل.

أبدت نورية اهتماما قل نظيره بالأرقام، والحساب وكل ما يتعلق بالعلوم والرياضيات. فراستها وتعاملها السلس مع الأرقام، جلب لها إعجاب أساتذتها بها، فصارت مصدر فخر لهم. اهتمت التلميذة النجيبة، أيضا بالفنون، لا سيما الرسم والموسيقى.

بعد انتقالها إلى مدينة الدار البيضاء، لمتابعة دراستها العليا، شاءت الألطاف الإلهية، أن تفقد نورية، وهي في ريعان شبابها، نعمة النظر كليا؛ عينها اليمنى أصبحت عاجزة عن الإبصار، وهي في ربيعها الثاني والعشرين.

واصلت نورية مشوارها، بخطى ثابتة، رغم وضعية الإعاقة. وبعد أن أسست أسرة بالدار البيضاء، وأصبحت أما لأربعة أطفال، واصلت دراستها. فحازت على شهادة ماجستير في الاقتصاد سنة 2015. ثم شهادة دراسات عليا ثانية في البرمجة الإلكترونية.

تحدي الإعاقة

"في البداية، كان الأساتذة يظنون أنني لن أتمكن من مواكبة الدروس"، تحكي نورية لسكاي نيوز عربية، "سواء في الاقتصاد أو البرمجة، لم يُخفِ الأساتذة تخوفهم من إمكانية تلقي الدروس وفهمها من طرف طالبة كفيفة. لكن وبحمد الله، تمكنتُ من وضع بصمتي، والتغلب على كل العقبات التي واجهتني، حتى تمكنت من نيل هاتين الشهادتين".

وأردفت السيدة نورية، بصوت فخور مفعم بالامتنان لله : "أتذكر كيف أن بعضا من الأساتذة الذين درسوني، لم يكفوا عن البكاء، فرحا، عندما نلت شهادة الماجستير. كانوا فخورين جدا بي".

من بين المبادرات التي أطلقتها لمساعدة المكفوفين، قامت نورية بتطوير برنامج معلوماتي يمكن من كتابة حروف اللغة الأمازيغية "تيفيناغ" بطريقة "برايل" المخصصة للمكفوفين.

وأطلقت نورية على مشروعها اسم «محول تيفيناغ»، والذي تكلف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بتوفيره لكل شخص كفيف طلب الاستعانة به حتى يستطيع ضعاف البصر قراءة التيفيناغ كما يقرأها المبصر.

وبالإضافة إلى اهتمامها بالبرمجة، فإن هذه الستينية، تقضي كثيرا من وقتها في الرسم وصناعة لوحات بالسيراميك. لوحاتها الفنية، أثارت إعجاب عدد من المهتمين بالفن. وعبرت لسكاي نيوز عربية، عن فخرها بزيارة، الملك محمد السادس، لأحد المعارض التي نظمتها بمدينة فكيك، وكيف أنه شجعها على المزيد من العطاء.

العزف على آلة البيانو

وفي أوقات فراغها، تشتغل نورية، المُحبة للموسيقى وآلة البيانو، على إعداد دروس للمهتمين بالموسيقى من المكفوفين.

"للأسف، ليس هناك العديد من المراجع الخاصة بالمكفوفين في الميدان الموسيقي، تقول السيدة نورية، لذلك أشتعل أنا وزوجي على إعداد وثائق، تساعد هذه الشريحة من تعلم الموسيقى. نقوم غالبا بترجمة كتب باللغة فرنسية، إلى العربية، لتسهيل تلقين -السولفيج- إلى المتعلمين المكفوفين"

من الصعب جدا أن تصدق أنها امرأة كفيفة، خاصة عندما تراها تتفنن في صنع حلوى "الشباكية" الرمضانية، أو حين تعد أطباقا شهية وهي تدندن أغانيها المفضلة، وتقوم بكل أغراض البيت مثل أي سيدة مبصرة، تُدخل الخيط في الإبرة، وتخيط ثياب أبنائها، تستمتع بمزج الألوان وتشكيل لوحاتها الفنية، وتجتهد دون كلل في ممارسة حركات "الكاراتيه" بكل رشاقة، معتمدة في ذلك على حدسها وتركيزها القويين.

وتبقى نورية اليعقوبي مثالا يحتدى به في الصبر والجد ونكران الذات، ومصدرا لا ينضب للعزيمة والتجلد. ويبقى حلم نورية التي لا تزال تكرس وقتها للآخرين عن طريق العمل الجمعوي، حسبما أسرّت لسكاي نيوز عربية، هو أن تتمكن من مساعدة أطفال القرى والمناطق النائية على متابعة دراستهم والحصول على شهادات عليا تمكنهم من الارتقاء وتحقيق أحلامهم.