غريب أمر بعض نوابنا الأفاضل، تجدهم في قمة الهدوء والسكينة والسلام أثناء انعقاد جلسات المجلس، وتراهم في أبهى صور الهدوء والسكون في أهم القضايا التي تمس المواطنين وهموهم، ولكن وبعد الخروج من تلك الاجتماعات تراهم في قمة عطائهم ونشاطهم في وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك من يهدد وهناك من يتوعد، وآخر يعدد إنجازاته، وغيرهم من يقول طالبنا ورفضنا ولم نسكت وسنحاسب ولن نقبل وغيرها من المصطلحات التي تدغدغ المشاعر ولكنها مجرد تغريدات بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع.

على السادة النواب أن يدركوا أن المواطنين لا تحركهم التصريحات الرنانة ولا المناقشات ذات الأصوات المرتفعة، ولا التصريحات على المواقع الإلكترونية، بل تحركهم النجاحات والإنجازات ويميلون إلى النائب المتواصل مع أهالي دائرته، والذي يطلعهم على الواقع وحلوله، وعلى التحالفات وأهدافها، وعلى المكاسب التي حققها، وعلى المشاريع والقوانين التي سيطوعها للصالح العام.

الناخب يميل إلى النائب الذي يحارب أوجه القصور في كل المواقع، النائب الذي لا يقبل بأنصاف الحلول، النائب الواقعي في طرحه والشاعر بهمومه، الساعي لحلحلة العديد من الملفات، النائب المتواجد بدائرته دائماً ويطلع الأهالي على ماتم وما سيكون.

هناك عدد من النواب تُرفع لهم القبعة على أدائهم الجاد وأسلوبهم الراقي في النقد والرقابة والمحاسبة، حتى في تقديم المشاريع وفي جلسات المناقشات، بل وحتى في تشكيل التحالفات والكتل والضغط في اتجاه معين.

لا نريد صراخاً كما نشاهده في بعض البرلمانات، ولا أداءً باهتاً يستفز الناخبين، ولا بطولات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، ما نريده هو الإنجاز فقط لا غير، إنجاز في تحديث القوانين وتشريعها، إنجاز في نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، إنجاز في التعاون بين العمل النيابي ونظيره البلدي، إنجاز في التواصل الفعلي، إنجاز في قضايا الساعة وكذلك القضايا المفصلية.

لا تفصلنا عن الانتخابات المقبلة سوى فترة بسيطة، وعندها ستكون الصحف قد طويت وكل نائب في مواجهة ناخبيه، فماذا قدمتم لذلك اليوم، وماذا حققتم لتلك اللحظة، وهل أنجزتم ما وعدتم به في برامجكم الانتخابية، وهل سيتجرأ بعضكم على إعادة الترشح أم ستكتفون بأربع سنوات فقط.

ولكي أكون أكثر إنصافاً، هناك من النواب من يستحق أن يبقى ويواصل العطاء، ويستمر على نهجه، وهذه الفئة فقط هي التي تستطيع أن تواجه وتعيد الترشح دون أي ملامة أو حتى استعطاف.