أدار الندوة: أنس الأغبش - أعدها للنشر: عباس المغني

"تصوير: سهيل الوزير"

أكد مسؤولون وخبراء في قطاع التأمين أن القطاع يحتاج إلى 3 أعوام على الأقل للعودة إلى التعافي، مؤكدين أنه مقبل على تحديات صعبة خلال العام الحالي، إلا أنهم توقعوا نمو أقساط التأمين التكافلي هذا العام إلى 95 مليون دينار.



وأضافوا في ندوة "الوطن"، حول "مستقبل قطاع التأمين بعد كورونا.. الواقع والتحديات"، أن الرؤية ما زالت غير واضحة حتى الآن، مشيرين إلى أن شركات التأمين قدمت تعويضات للمتضررين أصحاب الوثائق التأمينية تبلغ 140 مليون دينار في 2019 مقابل 232 مليون دينار في 2018.

وشارك في الندوة كل من رئيس مجلس إدارة جمعية التأمين البحرينية يحي نور الدين، ونائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الخليج للتأمين عبدالعزيز العثمان، والخبير في قطاع التأمين علي الديلمي، حيث اتفقوا على أن إدارات التأمين تتعامل كإدارات "كوارث" بسبب التطورات المفاجئة والسريعة.

وفيما كشف رئيس جميعة التأمين البحرينية، عن وجود أكثر من 100 ألف حادث سيارات سنوياً بين البسيط والبليغ سنوياً، أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة الخليج للتأمين، أن شركات التأمين طورت بالفعل منتجات التأمين الشامل للسيارات تشمل 3 سنوات لإصلاح الضرر من الوكيل.

وبينما أكد نور الدين، أن الشكاوى على شركات التأمين بلغت 60 شكوى، منها 80% غير صحيحة لعدم اختيار المنتج التأميني الصحيح، طالب الديلمي الزبون عند شراء وثيقة التأمين أن يختار عقدا لا يشمل الاستهلاك.. وفيما يلي الندوة:

"الوطن": أثرت "كورونا" على كافة القطاعات.. فما هو حجم تضرر قطاع "التأمين" جراء ذلك؟

- الديلمي: أنا ما زلت متخوفاً من المستقبل، حيث ما زال العالم يعاني من تداعيات كورونا (كوفيدـ19)، ما يؤكد صعوبة الوضع، وبالتالي فإن قطاع التأمين وغيره من القطاعات الاقتصادية ستواجه سنة صعبة في 2021.

هناك صعوبة في التخطيط، إذ تضع شركات التأمين حسابات لخطورة فيروس كورونا (كوفيدـ19)، وهذا الفيروس أحدث تغيرات متسارعة، وبالتالي هناك صعوبات في التخطيط لشيء مجهول عند تنفيذ الاستراتيجيات، وقد فرضت" كورونا" على شركات التأمين الدخول في عالم مختلف عما كان قبل الجائحة.

وحتى مع انتهاء "كورونا" سيكون الوضع أيضا صعباً، لأن كل شيء تغير، وكل شركات التأمين أصبحت تعمل عبر "الأون لاين"، إلى جانب احتدام المنافسة بين الشركات، من يقدم خدمة أفضل وأسرع، وأكثر إرضاء للزبون.

- العثمان: أي مؤسسة تهدف إلى رفع قدراتها التجارية، ووضع خطط عمل متقدمة، ولكن لوضع الخطط تحتاج تلك المؤسسات إلى رؤية واضحة للأعوام المقبلة، وبناء على الرؤية تتحدد الأهداف التي تريد تحقيقها والمستويات التي تريد الوصول إليها في السوق.

لكن مع ظهور "كورونا"، بطريقة فجائية وتطورات لحظية، خلق نوعا من انعدام الرؤية الصحيحة، ففي بداية العام 2020 عندما ظهر "كورونا" كل إدارات شركات التأمين عمدت إلى مراجعة خطط العمل، والكل يتساءل هل سنحقق الأهداف التي كنا نتطلع لها أم لا؟ فأصبحت عدم اتضاح الرؤية هي التحدي الأكبر.

في البداية، كنا نقرأ ونسمع التقارير العالمية عن الجهات المعنية كمنظمة الصحة العالمية، أن الوباء سيرتفع في فترة ثم سيتم السيطرة عليه واحتواؤه، لكن في الواقع لم نجد ما تحدثت عنه التقارير، بل ازداد الوباء، وتطور فيروس كورونا (كوفيدـ19) إلى سلالات أكثر انتشاراً.

تأثرت شركات التأمين من جانب الاستثمار، حيث أن مدخولها من أسواق الاستثمار عال، وجاء "كورونا" ليقود إلى تذبذبات حادة في أسواق الاستثمارات.

واليوم إدارات التأمين تتعامل كإدارات "كوارث" بسبب التطورات المفاجئة والسريعة، ولا بد من التعامل بسرعة مع هذه التطورات، فنحن نتابع كل ما يصدر عن الفريق الوطني، ونتعامل معه لحظة بلحظة، لأن تأثيرات "كورونا" خلقت نوعاً من عدم الرؤية، وبالتالي صعوبة اتخاذ القرار.

ولهذا يتم التعامل ضمن "إدارة كوارث"، اتخاذ قرارات كردود أفعال لحظة بلحظة، لتجنب أكبر قدر ممكن من التداعيات السلبية، وتحقيق أفضل قدر ممكن لصالح الشركات.

أزمة "كورونا" سرعت استخدام التكنولوجيا في شركات التأمين، وبسبب "كورونا" قفز التعامل باستخدام تطبيقات الهواتف الذكية إلى 70%، وساعد الشركات على لإطلاق تطبيقات خاصة بها، وتطوير برامج إلكترونية تسهل على الزبائن الوصول لها بشكل أفضل في ظل الظروف الصعبة.

- نور الدين: الحذر، هو الجو السائد في سوق التأمين، فلنعد إلى الخلف قليلاً عندما تعاملنا مع "كورونا" منذ بدايتة في فبراير 2020، حيث قيمت شركات التأمين وضعها، واستطعات أن تتعامل بإيجابية مع التطورات بسبب حسن الإدارة، وبدأنا نتفاعل ونتعامل بشكل صحيح، والدليل على ذلك أن كل شركات التأمين تواصلت مع عملائها ولم تحدث مشاكل في ذلك.

كما ساعدت الأوضاع في "كورونا"، شركات التأمين على تحقيق تطلعات مستقبلية كانت تسعى إليها، كإقناع الناس باستخدام تطبيقات الهواتف الذكية عند إجراءات معاملاتهم لدى شركات التأمين، والتفاعل مع أنظمة الاتصالات والأنظمة الإلكترونية في شبكة الإنترنت. وأصبحت هناك طفرة في إنجاز المعاملات من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، ما شجع الشركات على استثمار المزيد في هذا المجال، وأثبت أن استثمارات شركات التأمين في هذا المجال لم يذهب هباء، بل جاء بنتائج إيجابية في أوقات مفاجئة وصعبة.

ولا بد من أن نأخذ بعين الاعتبار ما قامت به الحكومة وما قدمته من دعم، حيث خففت الضرر بدعم الرواتب والكهرباء وغيرها من الأمور، فالبحرين بلد نجح في التعامل مع "كورونا"، وشجع القطاعات الاقتصادية على المواصلة، واستطعنا أن نتخطى الأزمة.

كنا نتوقع أن تنتهي أزمة "كوفيد19" في العام الحالي، لكن ظهرت سلالات متحورة أخرى من الفيروس تجعلنا نعيد حساباتنا مرة أخرى، فشركات التأمين تتعامل مع التطورات بكفاءة وستواصل العمل وتقديم خدماتها إلى الجميع.

من يستطيع فهم الزبون والتعامل معه بطريقة سهلة ومريحة، سيحافظ على زبائنه، ومن يتوتر ولا يعرف كيف يتعامل مع الزبون والدخول في قضايا مع الزبائن، سيخسر زبائنه. فهذا الوقت المناسب لشركات التأمين لتقف مع الزبائن وتثبت أنها تشكل الأمن والحماية له في الظروف الصعبة.

بالنسبة للمستقبل، فإن الرؤية غير واضحة، والوضع القاسم سيأخذ المزيد من الوقت، لكن الكوارث تجعلك تفكر بطريقة صحيحة، وكسب خبرات جديدة في كيفية التعامل مع كل تطور يحدث، وكيفية زيادة الربحية.

"الوطن": هل قادت "كورونا" إلى فرض ابتكار منتجات تأمينية جديدة؟

-نور الدين: سوق التأمين مترابط في جميع أنحاء العالم، وهناك منتجات مبتكرة ومتنوعة، لكن كيف تختار المنتج الذي تحتاجه الدولة التي تعمل فيها.

نحن في البحرين لا نستطيع أن نأتي بكل الخدمات التأمينية لسبب أن الحكومة قدمت الخدمات لعامة الناس بدون تكلفة، فمثلاً الحكومة توفر الخدمات الصحية مجاناً، وعلاج "كورونا" مجاناً، ما يجعل البعض لا يفكر بشراء تأمين صحي، بينما إذا أراد المواطن السفر لأوروبا مثلاً سيقوم بشراء تأمين صحي، لأن الخدمات الصحية هناك ليست بالمجان بل بمقابل مادي مرتفع.

فالناس يذهبون للتأمين في أوقات الأزمات، لأن منتج التأمين يعطي الأمان وراحة البال، فالمنتج التأميني غير ملموس، ولكن يحس به الفرد وقت الأزمات، ويدرك فائدته عندما يشعر بقلق، فهو الصديق الذي يقف معه في وقت الأزمات.

- العثمان: المنتجات التأمينية متوفرة وهناك إبداع وابتكار، لكن هناك حاجة إلى التوعية وكيفية الاستفادة من المنتجات التأمينية سواء للأفراد أو الشركات.

مثلاً، هناك تأمين عن العمل، وتأمين على الدخل، فلو اشترت شركة هذا النوع من التأمين، لتفادت تأثيرات "كورونا"، حيث شهدنا توقف بعض الشركات عن العمل، وبعضها تأثر دخلها، والكل لاحظ وجود مطاعم تعطلت، فلو كان هناك وعي لدى هذه المطاعم بوجود وثائق تأمين تغطي مثل هذا الحالات، لحصلت على تعويضات تجنبها الخسائر التي لحقت بها جراء التعطل.

المنتجات التأمينية تساعد على استمرارية العمل، وتغطي تأثر الأزمات كما حدث بالنسبة للقطاع السياحي والفنادق، ومن له وثيقة تأمين تجنب الخسارة.

الآن في هذه الوضاع الصعبة، بدأ الجمهور يفهم أنه ليس هناك مستحيل في حدوث الكوارث والأزمات والخسائر، مثل شخص قام بشراء منزل بملغ 150 ألف دينار، ننصحه باقتناء تأمين المنزل عن الحريق، إلا أن رده يكون رده "لا تفاول" (أي لا تستبشر بالشر)، مع العلم أن تأمين هذا المنزل يبلغ 30 دينارا في السنة!

على المجتمع أن يتعلم من الأزمات، كل شيء ممكن الحدوث، والتأمين يحمي من حدوث ما يلحق الضرر البالغ.

- الديلمي: التوعية مهمة لتفادي الخسائر التي يقدر إجماليها بعشرات الملايين، أعرف شخصا احترق جزء من منزله، ولحقت به أضرار بقيمة 15 ألف دينار، لو كان لديه تأمين، لتفادى هذه الخسائر، مع أن وثيقة التأمين عن الحريق منخفضة تبلغ 30 دينارا في السنة وتزداد حسب قيمة المنزل.

نحتاج إلى ثقافة تجعل التأمين في قائمة الأولويات، ففي الدول الأوروبية وكذلك أمريكا مثلاً، يكون التأمين بقائمة الأولويات وفي المراتب الأولى، بينما الثقافة السائدة لدينا لا تضع التأمين في آخر الأولويات، حتى أن البعض في قائمة أولوياته لا يوجد شيء اسمه تأمين. مع أن التأمين يخفف الكوارث والأضرار. ولهذا الوعي التأميني يجب أن يستمر وهو مهم، وعلى الجميع أن يتعلم من تجربة "كورونا".

"الوطن": كيف ستتأثر النتائج المالية لشركات التأمين في ظل جائحة كورونا (كوفيدـ19) خلال العام 2021؟

- نور الدين: ربما شركات التأمين تحقق أرباحا من عمليات الاكتتاب في التأمين، لعدة أسباب، فعندما بدأت أزمة "كورونا"، أغلب الناس قللوا خروجهم من المنزل، وكانت حركة السيارات خفيفة جداً، وبالتالي قلت الحوادث.

فمن كان يذهب للمستشفى بخصوص بعض الأعراض الصحية الخفيفة، توقف عن الذهاب بسبب الخوف من كورونا (كوفيدـ19)، وغيرها من الأمور وهذا سينعكس على حجم المطالبات، فستكون المطالبات أقل وهذا يصب في صالح شركات التأمين.

الشيء الجيد، أن شركات التأمين لديها تجديدات، أغلب العمل هو تجديد، فأغلب معاملات البنوك وشركات التأمين مبنية على تجديدات سنوية والحفاظ عليها يكون عبر التواصل، وفي نفس الوقت هناك حاجة إلى أي أعمال جديدة لتحقيق نمو، فالعمل يصب على المعاملات الجديدة لتحقيق مستويات أفضل من الربحية.

في المقابل، فإن إجمالي أقساط التأمين ستتأثر خصوصاً في قطاع السيارات، ففي العام 2020 مع أزمة كورونا (كوفيدـ19) قل عدد السيارات الجديدة المشتراة، وكانت الوكالات تشتكي من قلة مبيعات السيارات الجديدة، وهذا يعني الطلب على تأمين السيارات سيكون أقل.

- العثمان: اتفق مع نور الدين في أن نتائج الاكتتابات التأمينية ربما تكون جيدة ومربحة، لكن في المقابل هناك تأثير آخر، هو التذبذب الحاد في أسواق الاستثمار، وهو مصدر دخل عال لشركات التأمين، فربما يحدث توازن، ربما تحقق في مكان ربح، وفي مكان آخر خسارة، وعند الانتهاء من إعداد البيانات المالية النهائية لشركات التأمين ستظهر الأرقام الحقيقية وحجم الأرباح والخسائر في كل قطاع من القطاعات التي تعمل فيها شركات التأمين.

نور الدين: الشركات الواعية، حتى مع تحقيق أرباح، ستأخذ مخصصات لتحصيل الأقساط، وعدم التساهل في توزيع الأرباح، لأن الرؤية مازالت غير واضحة، قد ترتفع الأرباح من أعمال التأمين وتنخفض من جانب الاستثمار.

"الوطن": هل تتوقعون مزيداً من الاندماجات بين شركات التأمين لتفادي تداعيات الجائحة؟

- العثمان: اندماج شركات التأمين في الأسواق له إيجابيات، ولدينا تجارب في ذلك مثل اندماج شركة سوليدرتي البحرين والشركة الأهلية للتأمين، وهناك استحواذ الشركة البحرينية الكويتية للتأمين على شركة التكافل الدولية. وربما نشهد اندماجات خلال السنوات المقبلة لخلق كيانات كبيرة، وقد تقلص عدد شركات التأمين من 38 إلى 35 شركة بسبب الاندماجات والاستحواذات.

ونرى أن الاندماجات مفيد للسوق، وأدى إلى كفاءة العمليات وتحقيق المزيد من العوائد على السهم.

وعندما يحدث اندماج يصاحبه إعادة هيكلة، وإعادة الهيكلة ليس بالضرورة يصاحبها تسريح موظفين، بل التركيز على خطوط جديدة والاستفادة من الكفاءات والكوادر، فخلال 4 اندماجات حدثت في السوق لم نر تسريحات بل هناك استفادة من الكفاءات والكوادر.

- نور الدين: أولاً يجب أن أطرح سؤالاً مهماً وهو لماذا الاندماج؟ في الغرب هناك اندماجات بكثرة، لوجود حاجة مثل دخول أسواق جديدة، بينما نحن في البحرين ليس من المنطق أن نقول إن شركة تعمل في المنامة تندمج لتدخل المحرق! فالشركة تعمل في كل مناطق البحرين من هذه الناحية ليس هناك حاجة.

هناك أسباب أخرى للاندماج، مثل زيادة رأس المال، أو الحصول على تكنولوجيا جديدة، أو تعزيز الوضع بما يتناسب مع حجم السوق.

قديما كنا نعاني من رفض الناس فكرة الاندماج، فالبعض ينظر إليها بشكل سلبي ويعتبرها خسارة، واليوم تغيرت النظرة مع تزايد عدد الشركات وصغر حجم السوق، وكذلك الحاجة إلى الاستثمار في التكنولوجيا خصوصاً أن تغيير التكنولوجيا والنظام الإلكتروني يتطلب استثمارات بملايين الدنانير مبلغ كبير.

هناك حاجة إلى تغيير النظام لتواكب التغيرات العالمية والمعايير الدولية، وهذه العملية بحاجة إلى رأس مال، والحل هو إما زيادة رأس المال أو الاندماج وإدارة محفظة أكبر لتقل التكلفة.

لدينا قوانين تحمي عمليات الاندماجات، ومصرف البحرين المركزي يهتم بالتفاصيل عند حدوث أية اندماجات، كخلق وظائف جديدة، رفع مستوى الفنيين، الاستثمار في منتجات جديدة، والاستثمار في دراسات جديدة وغيرها.

العالم الآن تغير، وليس هناك حواجز تحمي من الخارج، فالشركات الخارجية تستطيع العمل في البحرين، فيجب أن يكون هناك استعداد للاستثمار في البحرين والاتجاه نحو التطوير والابتكار.

هناك اندماج قادم بين شركة سوليدرتي البحرين وشركة تآزر، وتم توقيع اتفاقيات بهذا الخصوص، وهناك حالياً دراسات جدوى لتقييم الشركتين، وإذا وصلنا إلى السعر العادل في تبادل الأسهم فسيتم الاندماج.

يعتمد الدمج بين الشركتين على موافقة المساهمين، وموافقة مصرف البحرين المركزي، والجهات ذات الصلة، لكن أتوقع أن يكون هذا الاندماج خلال العام الحالي.

"الوطن": ما هي توقعاتكم لسوق الوظائف في قطاع التأمين بناءً على التطورات الأخيرة؟

- الديلمي: التكنولوجيا ربما تتسبب في تقليص عدد الموظفين، بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مؤشرا رئيسا على عمليات التسويق، فالخدمات وحتى الدراسات أصبحت إلكترونية، وهناك شركات كثيرة بدأت تضع شخصا أو شخصين لإدارة قسم الحسابات بعد أن كان هذا القسم يضم عددا كبيرا من الموظفين.

أرى أن قسم التسويق تغير جذرياً مع أزمة كورونا (كوفيدـ19)، وتغيرت طريقة العمل والنمط، فجيل اليوم يتجه للتكنولوجيا، إذا تقاعد موظف فمن الصعب توظيف آخر مكانه، فتأثير التكنولوجيا خارج سيطرة السوق والشركات لا تستطيع تجاهل هذه التأثيرات.

منذ أزمة كورونا (كوفيدـ19)، أصبح 80% من الموظفين يعملون من المنزل، الأمر الذي ساهم في توفير تكاليف المكاتب وفاتورة الكهرباء، ومع نجاح هذه التجربة، ستستمر بنفس النمط، خصوصاً أن الزبائن تعودوا على تخليص معاملاتهم عبر تطبيقات الهواتف الذكية، ويريدون الآن تخليص معاملاتهم وشراء الخدمات إلكترونياً، ومن مصلحة الشركة الاستفادة من ذلك وتقليل المصروفات.

العلاقات الودية التي تكون وجها لوجه بين الموظف والعميل ستنتهي، وسيكون كل شيء عبر الإنترنت، وبالتالي فإن الشطارة تكون في مواكبة التحديات، وأن تكون أسرع في تقديم الخدمات والأسرع في التعويضات.

"الوطن": وزير الداخلية أصدر قرارا بإسناد معاينة الحوادث المرورية البسيطة إلى شركات التأمين؟ ما مدى الاستعداد لتنفيذه؟ وما هو تأثيره على سوق التأمين؟

- نور الدين: قرار إسناد معاينة الحوادث المرورية البسيطة إلى شركات التأمين، جاء بعد تنسيق واجتماعات متواصلة بين الإدارة العامة للمرور ومصرف البحرين المركزي وجمعية التأمين باعتبارها الممثلة لشركات التأمين.

وكان الهدف هو إفساح الشوارع من السيارات التي تعرضت لحوادث بسيطة بحيث لا تعيق حركة السير أو تؤثر على انسيابية الحركة المرورية، إضافة إلى تفريغ رجال المرور للمهمات المتزايدة المناطة بهم لتنظيم حركة المرور.

القرار سيطبق اعتبارا من 21 يوليو المقبل، ونحن الآن في فترة تحضيرية، بالتعاون بين شركات التأمين وبالتنسيق مع الإدارة العامة للمرور ومصرف البحرين المركزي.

وتشمل العملية التحضريية دورات تدريبية مكثفة لتأهيل فرق في شركات التأمين ليكونوا خبراء في مجال معاينة الحوادث المرورية وتحديد المسؤولية، وستبدأ خلال الفترة المقبلة حملة توعوية وإعلامية لتوعية المجتمع بهذا الخصوص.

كما تضم العملية التحضيرية، تسهيل المعلومات للشركة سواء كان بطرق إلكترونية أو ورقية تقليدية، حيث يتعين على أطراف الحادث المتفقين على المتسبب أو مسؤولية الحادث تصوير الحادث وملء استمارة تتعلق بالمتسبب، قبل التوجه لشركة التأمين لتسهيل إجراءات المعانية.

الأمور مازالت في التحضير، لتعيين شركات لسحب السيارات في حال الحوادث، سيكون سحب السيارة بالمجان حتى لو كان التأمين "طرفا ثالثا" ومتسببا في الحادث، حيث سيتم توفير خط للاتصال من أجل سحب السيارات بأسرع وقت.

سابقاً كان المتسبب يتحمل تكاليف السحب، ولكن في الوضع الجديد فإن شركات التأمين ستقوم بتعويض المتسبب بالحادث أيضاً ودفع قيمة سحب المركبة، لضمان أن يتم إزالة المركبات من الشوارع بأسرع وقت ممكن وإفساح المجال للحركة المرورية. كما أن أطراف الحادث لن يدفعوا 6 دنانير للحصول على تقرير الحادث المروري.

وهناك آلية واضحة، مستندة على تجارب سابقة بين شركات التأمين وإدارة المرور، حيث تقوم الشركات بتوصيل المعلومات المتعلقة بالتأمين على المركبات إلى الإدارة بطريقة إلكترونية. وشركات التأمين مستعدة للبدء في المشروع في الموعد المحدد له، من ناحية المكاتب والعناصر البشرية.

المشروع يعتبر نقلة نوعية، والبحرين أول دولة في المنطقة تطبق مثل هذا المشروع، ويعكس مدى الخدمات التأمينية وتطورها.

"الوطن": هناك شكاوى على شركات التأمين من تأخر بعض المطالبات؟ كيف تردون على ذلك؟

- نور الدين: أولاً، هناك أكثر من 100 ألف حادث سيارات ما بين بسيطة وبليغة سنوياً، بينما وصل عدد الشكاوى على شركات التأمين 60 شكوى، منها 20% صحيحة، و 80% من الشكاوى غير صحيحة لعدم اختيار المنتج التأميني الصحيح.

أكبر إشكالية تواجه شركات التأمين، أن الزبون عندما يشتري المنتج التأميني لا يأتي بنفسه، وإنما يرسل السائق أو المحاسب، فيشترون منتجا تأمينيا أقل تكلفة، ليثبتوا لصاحب العمل أنهم وفروا عليه بعض المال، وعندما يحدث ضرر، يأتي بنفسه ويطالب، ويكتشف أن مطالبته لا يشملها التأمين، فالخطأ من الشخص، يجب أن يفهم ما هو المنتج التأميني الذي اشتراه وماذا يغطي؟.

على المستهلك شراء المنتج الصحيح حتى لو تعرض إلى أضرار يحصل على التعويض ويتفادى أية خسائر، والشكاوى أغلبها تأتي من اختيار منتجات غير صحيحة، يختار منتجا لا يشمل حاجته الحقيقية، ثم يطالب بتعويض خاصة بمنتج هو لم يشتره!.

العثمان: شركات التأمين طورت منتجات التأمين الشامل للسيارات، 3 سنوات تصليح وكيل، وبعدها هناك حساب استهلاك، فإذا أراد الشخص إصلاح الوكيل فعليه بشراء المنتج الصحيح الذي يغطي ما يريد. وهناك حفظ لحقوق، من خلال استمارة شكرى عبر مصرف البحرين المركزي لدى شركة التأمين وعن سبب رفض نوع المطالبة.

"الوطن": وكيف يستفيد مالك الوثيقة من المطالبات عند وقوع حادث؟

- العثمان: أقساط التأمين على السيارات تبلغ 80 مليون دينار سنوياً، بينما تبلغ المطالبات 67 مليون دينار، إذن، المطالبات هي تعويضات جبر ضرر، يستفيد منه صاحب المنتج، وعلى مستوى الاقتصاد يستفيد وكلاء السيارات وموردي قطع الغيار والكراجات وغيرهم، فقطاع التأمين محرك للاقتصاد.

- الديلمي: هناك عدم فهم لموضوع الاستهلاك، فسيارة موديلها 2015 مضى عليها 5 سنوات، عندما تتعرض لحادث، فإن صاحب المركبة يريد قطع غيار جديدة من الوكيل، بينما منتج التأمين الذي اشتراه يحسب الاستهلاك.

فالزبون قبل شراء وثيقة التأمين عليه أن يختار عقدا لا يشمل الاستهلاك، وهو مختلف عن عقد يشمل الاستهلاك.

- العثمان: شركة التأمين مهمتها جبر الضرر وتعويض الزبون عما لحقه من خسائر بناءً على وثيقة التأمين التي اشتراها، فكل ما هو موجود في الوثيقة سيحصل عليه، وما هو غير موجود فلن يحصل عليه، ولهذا عليه اختيار المنتج الصحيح قبل عملية الشراء.

نور الدين: نوضح مشكلة الاستهلاك، إذا كان لدى الزبون سيارة مضى عليها 5 سنوات، تعرضت لحادث أدى إلى تلف "البمبر" وتبلغ قيمة الجديد مثلاً قيمته 200 دينار، بينما القديم المستهلك قيمته 150 دينارا، فهل يمكن أن أعوضك بقيمة جديد بينما بمبر سيارتك قديم؟! التعويض يكون بقيمة قطع الغيار المستهلك إلا إذا لدى الزبون وثيقة تأمين لا تشمل الاستهلاك.

"الوطن": وما هو وضع التأمين التكافلي في ظل المنافسة مع نظيره التقليدي؟

- العثمان: التأمين التكافلي والتقليدي، "هدف وجوهر واحد"، وفكرة التكافل قائمة على تحديد السعر الصحيح، فشركة التكافل عندما تبيع منتجا بقسط أكبر من اللازم، وينتج فائض بعد دفع المطالبات، تقوم بإعادة المبلغ للعميل، أو تقوم بتعديل الوضع بأن تمنحه الشركة في شكل خصم عند التجديد، وذلك ليتواءم مع مبدأ الشريعة الإسلامية.

عمر التأمين التكافلي في العالم مضى عليه تقريباً 35 سنة، منذ الثمانينيات، ولكنه يمثل جزءا كبيرا خاصة في منطقة الشرق الأوسط.

أقساط التأمين في البحرين بلغت 287 مليون دينار منها 90 مليون دينار أقساط تأمين تكافلي، أي أن التكافل يستحوذ على 31% من إجمالي سوق التأمين في البحرين. ونتوقع نمو أقساط التأمين التكافلي هذا العام لتصل إلى 95 مليون دينار، وترتفع حصة شركات التأمين التكافلية.

في السوق العالمي، قطاع التأمين التقليدي ينمو بنسبة 4% بينما ينمو التأمين التكافلي بنسبة 15%، والتجربة في البحرين ناجحة ومتقدمة على أسواق الدول المجاورة.

لدينا بيئة تنظيمية واضحة لقطاع التأمين التكافلي قدمها مصرف البحرين المركزي، وساعد على ذلك القطاع المصرفي الإسلامي "البنوك الإسلامية"، لأنها بحاجة إلى تأمين إسلامي لإجراء معاملاتها. وهذه البنوك لها أصول ضخمة وعملياتها واسعة وهي تحتاج إلى منتجات تأمينية إسلامية، ولهذا هناك نمو مطرد في قطاع التأمين التكافلي.