ولا يزال التلاعب القطري في مصائر الشعوب مستمراً، ولا يزال الالتفاف على الاتفاقات والمعاهدات والتملص منها خصلة متأصلة في السياسة القطرية، فضلاً عن أن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الخليجية وغير الخليجية هي أهم ما يميز «المراهقة السياسية القطرية» قيادة وذباباً.

فعلى الرغم من اتفاق العلا الذي وعدت فيه قطر بالتزام «الرزانة» والتوقف عن «العبث السياسي» ، وعلى الرغم من حكمة إخوانها الكبار في إتاحة الفرصة لها لتعديل سلوكها وأخذ المواثيق والعهود عليها، إلا أن صفات «المراهقة» تعود وبقوة لتسيطر على الشخصية القطرية ليتضح لنا جلياً أن التمثيل أو إن شئت فسمه «النفاق» ليس إلا صفة مؤقتة لاجتذاب المكاسب واختراق الصف، ثم ما تلبث أن تعود لعادتها القديمة في بث الفرقة والشقاق واستنهاض بواطن الشر ونفث نزغات الشيطان لإعادة إحياء السخيف العربي والتحكم في مقدرات الشعوب والدول.

وها هو ذا وزير الخارجية القطري في آخر تصريح له يؤكد مواصلة دعم قطر ما يسميه «تطلعات الشعوب للعدالة» وقال: «هذه سياسة قطر لم تتغير منذ زمن بعيد وسوف نستمر في اتباع السياسة ذاتها، وفي نهاية الأمر علينا أن نجلس معاً ونتحاور كدول خليجية لجسر الهوة، لكن ذلك لا يعني أن نغير سياستنا لأنها لا تتماشى مع مصالح دول أخرى !» . وبعد هذا التصريح وقبله بقليل انهالت تقارير الهمز واللمز على الدول الخليجية واشتغلت آلة الحشرات الإلكترونية ولم تسلم منها لا البحرين ولا الإمارات ولا حتى المملكة العربية السعودية!. ورحم الله أحد القادة الخليجيين عندما وصف التعامل الحسن والعمل المشترك مع قطر قائلاً: «زرعنا في أرض صبخة» .

لا ندري إلى أين ستوصلنا هذه «المراهقة القطرية»، ولكن على الأقل نعلم اليوم أننا ككيان خليجي مهما تعاملنا معها من منطلقات «الأخ الأكبر» ومهما تحلينا معها من «حكمة» ، ومهما أبدينا لها من «موعظة حسنة»، فإننا نكتشف يوماً بعد يوم أن قطر هي أبعد ما تكون عن الصف، بل هي أخرق ما تكون للصف، ولا نتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي سنقول فيه لأجيالنا إنه : «كان هنا كيان خليجي».