أكد ممثل المعهد الدولي للسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نجيب فريجي، أن اختيار مملكة البحرين كمقر إقليمي للمعهد الدولي للسلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نابع من كونها دولة منفتحة على كل الأطراف، وذات إشعاع حضاري وثقافي، وارتبط تاريخها بالوسطية والحداثة والتوجه السلمي في كل مقارباتها على المستويين الإقليمي والعالمي.
وقال في لقاء خاص مع وكالة أنباء البحرين " بنا " ، إن العلاقة الوطيدة التي تربط بين قيادة المملكة الرشيدة والمعهد ورئيسه وأعضاء مجلسه الاستشاري، جعلت من القائمين على المعهد يختاروا المنامة لاحتضان مقره بالمنطقة، وأشاد بالدعم الكامل الذي تقدمه جميع مؤسسات المملكة للمعهد، الأمر الذي مكنه من القيام بعمله بشكل أفضل، وأمِل أن يتحول المقر إلى وجهة لكل من يسعى لصنع وخدمة السلام، مضيفا أن المعهد يستفيد من تواجده في المملكة، وأنه سيتفاعل مع كل الأطراف، خصوصا مع حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، لكي تصبح البحرين وجهة لمحبي وصانعي السلام في العالم، ولكي نحول مخرجات ومرئيات الخبراء الوافدين إلى رسالة سلام مصدرها المنامة.
وأشار إلى أن مكتب المعهد بالمنامة بدأ عمله منذ عامين، وقدم في اجتماعاته الاستشارية العديد من الدراسات التي تتناول القضايا المطروحة في العالم العربي مثل التطرف والإرهاب والمنظمات الدينية السياسية والإسلام السياسي، والطاقة والأمن وغيرها، وهي دراسات غير منشورة تعرض على الأمم المتحدة والمؤسسات المعنية مثل مجلس الأمن، والتي بدورها تعرضها على الدول الأعضاء لاعتمادها لوضع تصور لحلول سلمية للنزاعات الدولية، سواء قبل اندلاعها أو بعد ذلك من أجل العمل على إخمادها وعدم تكرارها.
وأوضح أنه تم عقد اجتماع للمجلس الاستشاري للمعهد ضم سفراء الدول الأعضاء بالأمم المتحدة ومسؤولين بمملكة البحرين، وتطلع أن يتسع هذا المجلس ليكون أكثر تمثيلا لمختلف دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأساسا يثبت نجاعة عمل المكتب على تقديم القيمة المضافة من خلال نشر ثقافة السلام عبر التحليل العميق وتقديم الدراسات وورش العمل للوزارات والجامعات حتى نكون شريكا لها، خاصة أن المعهد يسعى ليشكل المعين الفكري الذي يغذي المكتب الرئيسي في نيويورك، ويعطي البعد العربي الإسلامي أهميته عند البحث المتعمق في قضايا السلام في المنطقة والعالم من خلال تقديم خدمات استشارية وخبرات لتسوية بعض الملفات المطروحة والتي تجعل من قضية السلام التحدي الأكبر.
وذكر أن المعهد يقترح على مجلسه الاستشاري مجموعة من البرامج، الذي يقوم بتعديلها بما يراه ملائما للهدف المنشود، وهو الخروج بآراء وأفكار وتحويلها لمشاريع قابلة للتنفيذ، وتم تحديد مجموعة من البرامج للمعهد خلال العام الجاري أبرزها: الوضع في سوريا وعلاقته بما يسمى بـ "داعش"، وأحداث اليمن الذي سيحضر اجتماع خاص بها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، وذلك لمناقشة دور المجلس في عملية السلام هناك، مشيرا إلى عقد اجتماع آخر حول الطاقة والأمن من زوايا السلام، وهناك اجتماع حول مجابهة الإرهاب والوقاية منه، واجتماع مهم جدا للجنة المستقلة للعمل متعدد الأطراف، وهي لجنة تابعة للمعهد تعكف على عمل مراجعة عميقة وجذرية لكل مفاهيم العمل متعدد الأطراف ومراجعة منظومة عمل الأمم المتحدة في العالم، وهذه اللجنة تعتبر الأهم على مستوى مستقبل الأمم المتحدة، ويترأسها السيد كيفين رود رئيس وزراء أستراليا السابق نائب رئيس المعهد الدولي للسلام.
وبين أن هذا الاجتماع الأخير سيعقد في البحرين، وسيعكس وجهة نظر الخبراء والعلماء وأصحاب الرأي لأسلوب العمل متعدد الأطراف سواء كان في الأمم المتحدة أو ما سيأتي بعدها، وتلك تعتبر نظرة استشرافية مهمة، خاصة أن المنظمة الدولية ورغم نجاحها منذ عام 1945 في عدم تكرار الحروب الكونية، لكنها لم تنجح في الوقاية من النزاعات المسلحة، لافتا إلى ضرورة تطبيق القانون الدولي على الجميع، لأن هذا القانون له سيادة على القوانين الوطنية في الدول الأعضاء، وأن هناك بلدان تلتزم بكل ما يتوجب عليها في الأمم المتحدة بينما تخترق دول أخرى القانون الدولي يوميا، وهذا ما يتم بحثه حاليا لوضع حد لتلك الاختراقات من خلال هذه اللجنة الدولية للعمل متعدد الأطراف.
وتمنى فريجي أن تلتزم الدول الأعضاء بالقرارات الناتجة من الأمم المتحدة، وأن تسعى جميع الأطراف للحفاظ على السلام والأمن من خلال التعاون بين البلدان بمنظومة عالمية اقتصادية تحترم فيها كل طموحات الشعوب، داعيا إلى ضرورة أن تعنى المنظمات الدولية بأدوار جديدة تضع حدا لمشكلات الفقر، حيث طرح المعهد الدولي للسلام فكرة اللجنة المستقلة للعمل متعدد الأطراف، وهناك نوايا حسنة للمشاركة في المشروع، آملا أن يعمل المؤتمر الذي سيعقد في المنامة على تعبئة كل المفكرين والخبراء والمسؤولين للإدلاء بدلوهم في تحديد مصير البشرية خلال القرن الحالي.
وتابع قائلا إن المعهد الدولي للسلام هو معين فكري له صلة وثيقة بالأمم المتحدة، مشيرا إلى أن كون الأمين العام للأمم المتحدة هو الرئيس الشرفي للمعهد، والأعضاء الشرفيين هم أيضا أعضاء مجلس الأمن، يعطي ملمحا حول العلاقة بين المؤسستين، مشيرا إلى أن للمعهد مكتب رئيسي في واجهة مبنى الأمم المتحدة بنيويورك، وممثل في أوروبا عبر مكتب في فيينا، وجاء الفرع الثالث والذي استحدث بالمنامة ليغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة وأن المنطقة تحتاج إلى توفير الظروف الملائمة لتقديم الرؤى والتصورات للسلام الدائم والشامل وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأنه يعمل من أجل تدعيم وتطوير مفهوم البحث المتعمق فيما يمكن أن يخدم السلام، وذلك عبر التركيز على الدبلوماسية الوقائية التي تعتبر شعار المعهد، ولبلوغ ذلك الهدف يجند المعهد نخبة راقية من رجال السياسة بدول العالم والخبراء والأكاديميين والاستراتيجيين والأكاديميين للبحث في سبل تدعيم السلام من خلال القيام بالدراسات والجلسات والمؤتمرات والنقاشات لتفادي النزاعات فيما بين الدول وفي داخل الدول.