أ ف ب


خفّضت المفوضية الأوروبية، الخميس، تقديراتها للنمو في منطقة اليورو خلال عام 2021، آخذة في الاعتبار تأثير إجراءات الإغلاق لمواجهة جائحة كورونا، إلا أنها تعوّل على انتعاش أقوى من المتوقع اعتباراً من الصيف بسبب اللقاحات.

وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية باولو جنتيلوني خلال مؤتمر صحافي، إن "الوضع الاقتصادي يبقى صعباً هذا الشتاء، إلا أن الضوء بات يتراءى في آخر النفق".

وللسنة الراهنة كانت توقعات النمو التي عرضتها المفوضية الأوروبية، الخميس، أقل إيجابية بقليل عن تلك المعلنة في الخريف الماضي.


وبشأن دول منطقة اليورو الـ19، تتوقع المفوضية أن يسجل النمو الاقتصادي نسبة 3.8% العام 2021 في مقابل 4.2%، كانت متوقعة في الخريف، بعد تراجع غير مسبوق بلغت نسبته 6,9% في 2020.

أما في العام 2022، فمن المتوقع تسجيل نمو في إجمالي الناتج الداخلي مجدداً بنسبة 3.8%، أي بتحسن واضح عما كان متوقعاً في نوفمبر الماضي، بحسب المفوضية.

ويسمح توافر اللقاحات خصوصاً بتوقع انتعاش أقوى اعتباراً من الصيف والسنة المقبلة.

وتوقع جنتيلوني أن يعود اقتصاد الاتحاد الأوروبي إلى المستوى الذي كان عليه قبل الأزمة الصحية "في الربع الثاني من 2022 بشكل أسرع من المتوقع".

وفسر الاتحاد الأوروبي التدهور في النمو في الأسابيع الأخيرة بتشديد إجراءات الإغلاق الضرورية في الكثير من الدول الأعضاء لحد انتشار "متحورات" أشد عدوى من فيروس كورونا.

وتستند توقعات التحسن على سيناريو تخفيف هذه الإجراءات قرابة نهاية الربع الثاني، وخصوصاً خلال النصف الثاني من السنة، بعد أن يكون قد حصل على اللقاح الأشخاص الذين ينتمون إلى فئات ضعيفة.

مخاطر وعدم يقين

وحذر المسؤول الأوروبي من أن "عدم اليقين والمخاطر لا تزال مرتفعة" بشأن تطور الوباء مشدداً على أهمية حملات التلقيح.

أما على صعيد دول الاتحاد الأوروبي برمتها، فالأرقام المتوقعة تسير في الاتجاه نفسه. وتتوقع بروكسل نمواً بنسبة 3.7% في العام 2021 (في مقابل 4.1% سابقاً) ومن ثم 3.9% في 2022 (3% سابقاً).

إلا أن المفوضية اعتبرت أن "وتيرة الانتعاش ستكون متفاوتة جداً بين البلدان"، إذ تضررت بعض البلدان أكثر من غيرها بالجائحة أو أن اقتصادها يعتمد بشكل أكبر على السياحة، مثل إسبانيا والبرتغال واليونان.

وتتوقع بروكسل أن تسجل فرنسا نمواً نسبته 5.5% في 2021 و4.4% في العام 2022 بعد تراجع نسبته 8.3% العام الماضي.

أما ألمانيا التي تتمتع بأقوى اقتصاد أوروبي، فيتوقع أن ينمو إجمالي ناتجها الداخلي بنسبة 3.2% و3.1% على التوالي بعدما تراجع 5%.

وأوضح جنتيلوني أنه ينبغي عدم استبعاد حدوث مفاجأة خصوصاً أن هذه التوقعات لا تأخذ في الاعتبار خطة التحفيز الاقتصادي الهائلة البالغة قيمتها 750 مليار يورو التي يتوقع أن يبدأ صرفها في النصف الثاني من العام الجاري.

ولكن التوقعات تشمل تأثير بريكست بنسبة 0.5% بحلول نهاية العام 2022، وهو أقل مما كان متوقعاً بفضل إبرام اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

وتدفع عودة التضخم إلى التفاؤل أيضاً ويتوقع أن تبلغ 1.4% في منطقة اليورو هذه السنة، بعد 0.3% فقط العام الماضي. وزادت أسعار السلع الاستهلاكية في يناير بعد تراجع 5 أشهر متتالية، ما زاد القلق حيال صحة الاقتصاد.

وتلعب توقعات المفوضية الأوروبية دوراً رئيساً في وضع السياسات الاقتصادية الأوروبية.

ورفع الاتحاد الأوروبي العام الماضي القيود المفروضة على الدول الأعضاء على صعيد الاستدانة لكي تتمتع بهامش حرية للإنفاق ومحاربة الانكماش الناجم عن الجائحة.

إلا أن هذا الإجراء مؤقت وسيُلغى، ما أن يتعزز الانتعاش الاقتصادي. وقال جنتيلوني "سنتخذ قراراً بهذا الخصوص في الأسابيع المقبلة في الربيع"، في مؤشر إلى احتمال تمديد الإجراء.

واختتم بقوله: "توقعاتنا تظهر بوضوح أن الصعوبات الاقتصادية لن تتوقف في 31 ديسمبر من هذه السنة".

تقديرات أممية

وكان تقرير للأمم المتحدة توقع الأربعاء، تباطؤ تعافي التجارة العالمية في الربع الأول من العام الجاري، في ظل استمرار تعطل حركة السفر بسبب جائحة كورونا. يأتي ذلك بعد أن سجلت التجارة العالمية انكماشاً بنسبة 9% في عام 2020.

وأكد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" في تقرير له، أن إجراءات العزل العام تسببت في انكماش التجارة في النصف الأول من 2020 بنسبة 15%، مشيراً إلى أن النصف الثاني من العام نفسه شهد تعافياً قليلاً، بعد زيادة التجارة في السلع بنسبة 8% في الربع الرابع مقارنة بالربع الثالث.

وأوضح التقرير الأممي أن اقتصادات شرق آسيا تقود عملية التعافي بنمو قوي للصادرات ومكاسب في الحصة السوقية العالمية، مضيفاً أن أغلب القطاعات الصناعية تعافت في الربع الرابع عدا قطاعي الطاقة والنقل.

وأشار تقرير "أونكتاد" إلى أن تجارة الخدمات تعاني ركوداً عند مستويات سبق أن سجلتها في الربع الثالث، مضيفاً أن صادرات الخدمات من الصين وبدرجة أقل الهند، تبلي بلاءً حسناً بشكل أفضل من دول أخرى.