إن فلسفة ميثاق العمل الوطني تعكس آمال وطموحات وتطلعات القيادة والشعب البحريني وفي الوقت ذاته ترسخ حقيقة تاريخية وحضارية عن البحرين كدولة دستورية وأنها أخذت دوراً متميزاً منذ بداية القرن الماضي، ولذا فيوم 14 فبراير 2001 يمثل مرحلة تحول تاريخي للبحرين وامتداداً حضارياً يضع البحرين في موقعها المناسب لها عبر التاريخ حيث شهدت قيام حضارات عاشت على هذه الأرض، وذلك نتيجة لعوامل عديدة وأهمها الموقع الجيوسياسي لها كجزيرة تقع وسط الخليج العربي وجسر تواصل بين الشرق والغرب ولذلك ليس بالمستغرب أن توجد فيها هذه الفسيفساء من مختلف الثقافات والأديان والطوائف التي كونت مجتمعاً مدنياً تسوده قيم التسامح والتعايش السلمي والعدالة والمساواة وعملت على استمراريته منذ مرحلة مبكرة من تاريخ البحرين الحديث والمعاصر.

أهم من كل ذلك هو الولاء للقيادة والوطن أو المواطنة لذا يجب أن يتقبل كل من يعيش على هذه الأرض حزمة القيم هذه لذا جاء «مركز التعايش السلمي» الذي أمر جلالة الملك بإنشائه لكي يعبر عن توجهات القائد الذي هو مؤسس للمشروع الإصلاحي الذي قال عندما تولى الحكم «أود أن أقول لكم جميعاً بمنتهى الوضوح إنني كابن لعيسى وحافظ لعهده سوف أحمل لواء نهجه الذي لا يميز بين أبناء الوطن الواحد في اختلاف الأصول والمذاهب،....»، «كلمة الملك بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة – 3 مايو 2009م».

إن المجتمعات والدول لا تقاس بمساحتها أو عدد سكانها أو بثرواتها الطبيعية، إنما تقاس بالثقافة الموجودة عند الإنسان في المعتقدات والعلوم والفنون والآداب والأخلاق، والذي يدلنا على ذلك أن هناك دولاً نشأت بفعل إرادة الإنسان رغم أنها لم تكن موجودة على الخريطة الجغرافية للعالم أو كانت موجودة ولكن لا يشار إليها بالبنان أن دولاً مثل سنغافورا وفنلندا لم تحقق الإنجازات إلا بإرادة الإنسان، حيث أصبحت من الدول التي تحتل المراكز الأولى في كثير من مجالات التنمية البشرية والتعليم والاقتصاد رغم عدم وجود موارد طبيعية فيها لكنها اهتمت بالمورد البشري.

إن أهمية ميثاق العمل الوطني تتمثل في أنه حفظ للبحرين أمنها الوطني في كثير من الأحداث التي مرت بها وخاصة في أحداث 14 فبراير 2011م عندما أرادت بعض الأطراف المندسة من دول لها أطماع استعمارية في البحرين فرض أجندتها وعندها وقف شعب البحرين أمام كل التحديات وأثبت تلاحم القيادة مع الشعب، ولذا يجب أن نعي أن الطابور الخامس لايزال موجوداً ولكنه ينتظر اللحظة المناسبة لتحقيق أطماعه وكدليل أنه قبل أحداث 14 - 2 - 2011 م كان يطالب بالبرلمان والديمقراطية وبالفعل شارك في الحياة السياسية في مجلس النواب بيد أنه ما إن مرت المنطقة بأحداث ما سمي بـ «الربيع العربي» حاولوا استغلال هذا الظرف السياسي لذا لابد أن نكون على يقظة والقيادة الحكيمة تدرك ذلك.