قادتني الصدف وأنا اتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أن تقع بين يدي محاضرة للأستاذ أنمار مطاوع، وهو أستاذ جامعي وكاتب سعودي يتحدث عن الموعد المناسب للرحيل، الرحيل هنا يقصد من خلاله التوقف أثناء الحوار والنقاش وليس الرحيل بمعنى الرحيل، التوقف عن مواصلة الجدل والاستمرار في ذات الموضوع بل وتغيير محور النقاش إلى موضوع آخر لإيقاف الحدة التي وصل إليها النقاش والحوار.

وأنا أستمع لتلك المحاضرة تجلّت أمامي ما يسمى بـ»المعارضة البحرينية»، وكيف أنها تشبثت وتمسكت بمطالب هم أدرى باستحالة تحقيقها، كونها مطالب ستحقق التبعية لإيران وتجر الوطن إلى مستنقعات كتلك التي وصلت إليها اليمن ولبنان والعراق وسوريا، وهي ذات المستنقع الذي وصلت إليه إيران بعد الانقلاب على الشاه.

إننا وفي غمرة احتفالنا بميثاق العمل الوطني نستذكر حكمة الدولة في تعاملها مع أبنائها الذين تم العبث بعقولهم، وكيف طبقت سياسة متى ترحل عندما فتحت مجالاً رحباً للحوار الوطني، حيث تبين لها أن من أطلقوا على أنفسهم لقب المعارضة والوطنية كانوا أبعد ما يكون عن الوطن ومصلحة أبنائه، كانت تلك الفئة تتشبث بمواقف بعيدة كل البعد عن مصلحة الوطن ومواطنيه، هم يعلمون أنهم على خطأ ولكنهم كابروا ولم يقبلوا بتغيير آرائهم ولا حتى جزءاً منها.

مختصر ما حدث في ذلك الوقت أنهم لم يتعلموا متى يرحلون بل وحتى على الأقل متى يتوقفون عن دعواتهم التي لم تأتِ إلا بالخراب والدمار على كل من تبعهم، لو أنهم رحلوا لتركوا مساحة للجديد، لمعارضة وطنية تدين بالولاء للوطن ولقيادته، همها وشغلها الشاغل بناء وتطور الوطن ومواطنيه، لو أنهم رحلوا لكانوا كمن ساهم في البناء لا التدمير، في الرقي لا في الخراب.

آن الأوان، لأن نقول لمن يساهم في الرجوع إلى المربع الأول «ارحلوا»، فأسلوب إغلاق الطرق والشوارع الرئيسة عاف عليه الزمن، والاستنجاد بالمنظمات الحقوقية ومن على شاكلتها لم يعد يجدي بعد أن تكشفت تلك المنظمات على حقيقتها وعرفت أهدافها الخبيثة ومصادر تمويلها المشبوهة.

إننا اليوم وبعد عشرين عاماً من ميثاق العمل الوطني وبعد كل ذلك التطور والتقدم الذي تعيشه البحرين أغلقنا كل الأبواب أمام المشككين والعابثين، ونحمد الله على هذه الجائحة التي برهنت للجميع وللعالم على مكانة المواطن وحتى المقيم لدى قيادة هذا الوطن، وقلبت الموازين على من كان يراهن على الأزمات ويقتات منها.