البيان


أكد محمد عبد الرحمن، مدير إدارة الاستراتيجية واستشراف المستقبل في محاكم دبي، لـ«البيان» أن الجلسات التي تعقدها اللجان المختصة بالاستشراف والتخطيط للمستقبل في الدائرة، تركز على هدف استراتيجي طموح وهو «قضاء بدون محاكم أو مبانٍ»، معرباً عن ثقته بتحقيق هذه الهدف في غضون عقد من الزمن أو ربما أقل، لا سيما أن المحاكم أثبت كفاءتها وتميزها في إدارة عملية التقاضي عن بعد منذ بدء جائحة كورونا، وبدون حضور الأطراف إلى مبانيها وإلى قاعات المحاكم فيها في درجات التقاضي الثلاث.

وقال محمد عبد الرحمن: «ندرس الآن في محاكم دبي كيفية بناء قاعدة معارف وبيانات للاستفادة منها في الذكاء الاصطناعي، ونسعى لتصنيف تلك البيانات لتتعامل مع الأحداث التي تمر على الآلة، لكننا نحتاج لتجارب وحلول تقنية حتى تحل المسائل وتقدم الخدمة.

وهذه الآلة قد تحل محل الموجه الأسري خلال النظر في خلافات الأسر والأزواج، بعد التأكد من أنها قادرة على التعامل مع الحالات المعروضة عليها بعاطفة وإحساس وخبرة، ليقتصر دور الموجه البشري على مراقبة الآلة، والتأكد من أنها تتصرف بشكل صحيح مع الأطراف».


استشراف مبكر

ولا شك أن الاستشراف المبكر للفرص والتحديات، ووضع الخطط الاستباقية على المستويات كافة، هو ديدن القطاعات الحكومية الاتحادية منها والمحلية، لتقديم خدمات نوعية وحلول مبتكرة، اهتداءً باستراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل، ومحاكم دبي واحدة من الدوائر المحلية التي انخرطت بهذه الاستراتيجية، وتفاعلت معها بقوة، حتى غدا «الاستعداد المبكر» للمستقبل نهجاً وأسلوب عمل لديها، وحاضراً في جميع خططها الرامية إلى رصد ملامح المتغيرات الآتية، وفق أهداف محددة وأساليب تخضع للكم والكيف.

فبينما تسعى الكثير من الأنظمة القضائية في الدول إلى توسيع وزيادة مباني المحاكم فيها -بما فيها قاعات المحاكمات التقليدية- فإن محاكم دبي تحشد الخطط والأفكار والحلول للعمل مستقبلاً بنظام قضائي دون تلك المرافق، بل وبدون القضاة الذين سيختصر دورهم على إعطاء خبراتهم ومعارفهم لتطوير نماذج عمل تمضي بدون تدخل بشري، من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي لإنشاء قاعدة بيانات تعكف الدائرة على إنجازها خلال السنوات المقبلة، بالتوازي مع التوسع في التقاضي عن بعد لإدارة العملية بشكل عصري ومؤتمت يواكب التقدم الحاصل في دبي في جميع المجالات.

الذكاء الاصطناعي

وفي هذا السياق، قال محمد عبد الرحمن: «نتحدث اليوم عن تقاضٍ عن بُعد، وذكاء اصطناعي، وحكومة ذكية، وبالتالي فإن دور القاضي على المدى البعيد هو إعطاء خبراته وتجاربه لتطوير نماذج عمل تمضي بدون تدخل بشري، من خلال إنشاء قاعدة بيانات نعمل الآن على بنائها مستفيدين من المعارف السابقة التي سيتم تصنيفها في قوالب تسهم في تقديم الخدمات القضائية بشكل آلي، بحيث يختصر التدخل البشري على المراقبة وتحسين الأداء وسد أي فجوة قد يعجز عنها النظام الآلي أثناء تقديم الخدمة».

وأكد أن محاكم دبي تعمل مع الفرق الحكومية من أجل إنجاز هذا المشروع الطموح من خلال مناقشة المشاريع والأفكار المستقبلية المختصة بالذكاء الاصطناعي.

وقال مدير إدارة الاستراتيجية واستشراف المستقبل في محاكم دبي: «رؤساء المحاكم يعملون على مشاريع مستقبلية تعمل بالذكاء الاصطناعي تحت إشراف المدير العام للمحاكم».

وأضاف: «نسبة كبيرة من الخدمات في المحاكم الثلاث لن يكون فيها تدخل بشري، وسنختبر الذكاء الاصطناعي في البداية في القضايا المدنية البسيطة، وفريق x 10 يعمل الآن على موضوع الذكاء الاصطناعي ويدرس المشاريع والأفكار الممكن تطبيقها في المحاكم وتبنيها بعد 10 أعوام».