العين الإخبارية

تتناقص أعداد المسيحيين في العراق منذ عام 2003، فيما تستعد البلاد لاستقبال زيارة تاريخية للبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية.

ويعتزم البابا فرنسيس من خلال زيارته المقرر لها مطلع مارس/آذار إقامة صلاة موحدة تجمع مختلف الأديان.



ودفعت الظروف السياسية التي عاشها العراق طيلة العقدين الماضيين من حروب أهلية وانعدام الأمن وغياب سلطة الدولة والقانون أكثر من مليون مسيحي إلى مغادرة مناطق سكنوها قبل عشرات السنين.

وأفضى ذلك إلى تغيير ديموغرافي في أحياء عُرِفت حتى وقت قريب بأنّها مناطق يقطنها أبناء المكوِّن المسيحي بينها "كمب الأرمن وكمب سارة"، وأحياء أخرى في العاصمة بغداد.

ويُشكِّل المسيحيون من الكلدان الكاثوليك القسم الأكبر في العراق ويقطنون مناطق شمال العراق في كركوك والموصل وأربيل، بالإضافة إلى مناطق في بغداد والبصرة.

وشهد العراق خلال السنوات الأولى ما بعد سقوط النظام السياسي في عام 2003، حملات استهداف طالت المسيحيين ودور العبادة من كنائس وأديرة، مما اضطر الكثير منهم إلى المغادرة نحو المنافي وبلدان المهجر وبيع منازلهم التي يقطونها بأسعار زهيدة.

يقول بسَّام يوسف، وهو مهندس مسيحي، إنَّ "هناك مؤامرة وإرادة تقودها دول لإفراغ العراق من معظم مكوناته الدينية والقومية بغرض التفرد بلون ومذهب واحد".

ويضيف يوسف (50 عاماً) والذي يعيش في شقة مستأجرة، أنَّ "الظروف القاسية التي يعيشها المسيحيون نتيجة للاستهداف المتكرر من قبل المليشيات المسلَّحة التي أجبرته على بيع منزل عائلته الأم بمنطقة الـ52 وسط بغداد بربع قيمته الحقيقية ومغادرة جميع أهله إلى خارج العراق".

ويشير يوسف في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أنَّه لم يستطع مغادرة العراق استجابة لطلب زوجته وطفليه الاثنين، مُفضِّلاً السكن في شقة مستأجرة بمكان قريب من منطقته التي كانت يوماً ما مرتع طفولته.

واضطر العديد من العوائل المسيحية تحت الضغط والتهديد إلى التخلي عن منازلهم لقاء مبالغ زهيدة.

ويُصنِّف النائب السابق عن المكوِّن المسيحي جوزيف صليوه الجهات التي تسعى إلى الاستيلاء على أملاك المسيحيين في العراق إلى مجموعتين.

ويوضح: "الأولى مجموعة دينية تعتبر أملاك المسيحيين حلال كونها ليست لمسلم، والمجموعة الأخرى هي عصابات تنشط عندما يكون القانون غائباً".

وشكلت الحكومة في عام 2008 أكثر من لجنة للبت في قضايا الاستيلاء على منازل سيطرت عليها جماعات تحت تأثير السلاح، لكنها لم تستطع استرداد أكثر من 50 عقاراً تعود إلى مسيحيين.

وفي عام 2015، شُكِّلت لجنة أخرى بعد أن تقدَّم عدد من المسيحيين بشكاوى تتعلق بمنازل مستلبة تعود إليهم، لكنها لم تستطع استرداد أكثر من 10 عقارات.

عندما يخشى المسروق من السارق

يقول عماد يوحنا ياقوت، المقرر السابق لرئاسة البرلمان، إنَّ غالبية المسيحيين كانوا يخشون خلال الأعوام السابقة من تقديم شكاوى وطعون قضائية ضد شاغلي منازلهم خوفاً من ردود فعل المليشيات المسلحة التي تقف وراء تلك العمليات.

ويؤكد ياقوت لـ"العين الإخبارية" أنَّ هناك عمليات تزوير ودفع رشى تمَّت في دوائر رسمية بغرض تغيير ملكية عدد من العقارات العائدة إلى المسيحيين، إضافة إلى عمليات بيع تحت الابتزاز وهو ما يجعل استعادة الكثير منها أمر في غاية الصعوبة.

ويقدَّر ياقوت الذي ينضم إلى لجنة حكومية تشكَّلت في مطلع العام الحالي لاستعادة الممتلكات المسيحية المستلبة، أن عدد المنازل المغتصبة يتراوح ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف عقار في العاصمة بغداد.

وتعنى لجنة حكومية شُكِّلت في 4 يناير/كانون الثاني الماضي، برئاسة نائب رئيس البرلمان، حسن الكعبي، وعضوية 5 آخرين، باسترداد ممتلكات المسيحيين في العراق التي تم الاستيلاء عليها بطرق غير شرعية.

وكان بطريرك الكلدان في العراق والعالم، الكاردينال لويس ساكو، دعا في وقت سابق، عبر حوار متلفز، جميع العراقيين إلى التكاتف والمغفرة في ما بينهم والوقوف مع الدولة بوجه السلاح المنفلت.

وكشف ساكو عن استيلاء بعض الجهات على أملاك المسيحيين، وأكد أن "هناك بيوت وعقارات زُوِّرت سنداتها ولا زال مسيطر عليها من جهات".

وبحسب إحصائيات غير رسمية، فإنَّ عدد المسيحيين في العراق لا يتجاوز 500 ألف بعد أن كانوا قبيل الغزو العراقي للكويت عام 1990، يقتربون من مليون و600 ألف.