الحديث الصحافي الشامل الذي تفضل به صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه يعد خارطة طريق للعمل الحكومي وهذا ما كان منتظراً من رئيس الوزراء الجديد الذي تسلم دفة القيادة مؤخراً. وأرى أن معالجة البيروقراطية الحكومية من أبرز الأهداف القادمة التي تلفت الانتباه في حديث سموه.

وعلى الرغم من أن البيروقراطية في كثير من الأحيان شر لابد منه، فهي تحمي المال العام وتحمي الموظف من الاندفاع والتسرع والأخطاء وتساعد على التدقيق في القرارات، إلا أنها إذا زادت تعقيداتها وكثرت طبقاتها، تضر كثيراً في سير العمل وفي سرعة الإنجاز. ولا تخلو حكومة حالياً في العالم من البيروقراطية بلا شك لكن يتفاوت الاعتماد عليها من حكومة إلى أخرى.

والأهم في إزالة البيروقراطية أو تخفيف الاعتماد عليها هو الجانب الخدماتي من العمل الحكومي والذي يستفيد منه «العميل» مباشرة كإصدار شهادة ما أو ورقة رسمية أو موافقة على طلب وهكذا. ويبدو أننا خطينا خطوات جيدة حتى الآن فيما يسمى الـ streamline في الإجراءات الحكومية - أو التبسيط - ويظهر ذلك جلياً في الخدمات التي تقدم عن طريق البوابة الإلكترونية الحكومية.

لكن الأمر يحتاج إلى المزيد من التبسيط والتسهيل والسرعة خاصة مع توفر التكنولوجيا التي وصلت إلى مرحلة شبه موثوق بها في ربط البيانات الموجودة في عدة جهات حكومية والتي كانت حتى وقت قريب موزعة ومنفصلة عن بعضها البعض. وأعتقد أن المهمة الأصعب في إزالة البيروقراطية لا تكمن في توظيف التكنولوجيا بل في تأهيل وتدريب العنصر البشري الذي تقع على عاتقه أولاً مهمة التعامل الاحترافي مع التكنولوجيا وثانياً مهمة مراجعة ومتابعة الطلبات وإصدار القرار حولها في فترة زمنية قصيرة.

وقد جاءت جائحة فيروس كورونا - التي وضعت حداً لطوابير المراجعين - لتكشف لنا أن بعض الجهات تحتاج إلى وقت طويل لتتحول إلى العصر الحالي الذي يتطلب سرعة الإنجاز على الرغم من أن مكاتبها ممتلئة بالكمبيوترات وأجهزتها متصلة بكل الشبكات! وأذكر أن معاملة رسمية قدمتها في زمن «كورونا» الحالي ظلت معلقة ثلاثة شهور على الرغم أنها لا تحتاج سوى إجراء روتيني بحت. وكلما راجعت صفحة الجهة المختصة في موقع البوابة الإلكترونية يظهر لي أن المعاملة يتم النظر فيها - لا تحضرني الصيغة حرفياً - وبعد كل هذه المدة وبعد عدة اتصالات هاتفية - بالطريقة التقليدية - تبين أن الموظف المسؤول عن البت في المعاملة نسيها على مكتبه - من ضمن أكوام من الورق - ولم ينظر فيها أصلاً!