محاولة شيطنة زعامات عربية لها شعبيتها ومكانتها عند شعوبها إلى جانب محاولات النفخ في دمى عربية أنتم صنعتموها عبارة عن محاولات فاشلة وبامتياز تنم عن جهل القائمين على هذه البروباجندا بالمزاج العربي تماماً، إنكم تحصدون نتائج عكسية عن ما تهدفون، إنكم تزيدون وتباعدون الهوة بين شعوب المنطقة وبينكم كدول حليفة وتعادون الشعوب لا الأنظمة.

لا نختلف مع حكومات اليسار الغربي التي تضع نشر وتعميم قيمها «الديمقراطية» وعلى رأسها «حقوق الإنسان» على تلك القيم، فهي بعموميتها قيم إنسانية رائعة تحث عليها جميع الأديان السماوية والفطرة الإنسانية السليمة، إنما اختلافنا يأتي حيث تكمن التفاصيل، فاختلافنا الأكبر معكم هو ازدواجية أحكامكم مع هذا الملف التي تفرغ تلك القيم من شرعيتها وتكشف عن حقيقة النوايا التي تتدثر بها.

فلا تستطيع أن تقنع أي مجتمع أنك تسعى حقيقة لرخائه وإسعاده والحرص عليه وعلى حقوقه الإنسانية وأنت تسيء لأهم رموزه التي لها مكانة خاصة وشعبية كبيرة، ولها «بيعة» في رقابه، وذلك نظام اجتماعي متأصل في الهوية ومن الصعب تجاهله والقفز عليه وتلبيس المجتمع نمطاً مستورداً أياً كان نجاح ذلك النمط أو قناعتكم بجدواه.

كيف تقنع مجتمعاً تحظى شخصياته الزعامية بشعبية تتجلى من خلال مؤشرات يعايشها من هم على ذات الأرض أجنبياً كان أو عربياً، فهي ليست من صنع الإعلام كما تظنون ولا مدفوعة الثمن كما تتوهمون، بل هي واقع معاش يستطيع من هم على الأرض أن ينقلوها لكم بأمانة وصدق من بعثاتكم الدبلوماسية ومن هم يعيشون في بلادنا من مواطنيكم ممن يعرفون بيوتها وعوائلها، مهما حاولتم بكل وسائلكم وقواكم الناعمة شيطنتها عند الرأي العام فإنها ممكن أن تقنع رأيكم العام أما عندنا فتلك المحاولات نتلقاها باستياء وريبة من جانبنا، لذلك فما تجنوه من حملات الشيطنة هو زيادة لشعبية تلك الرموز بالإضافة إلى زعزعة الثقة بأنظمتكم وحكوماتكم وإدارتكم، وهذا ليس من صالحكم على المدى البعيد، إنكم تخسرون مواقع لكم بنيتموها معنا بجهود أجيال متوالية منا ومنكم، يعرف ذلك بعض دوائركم التي تعيش على أرضنا وبحارنا وتتخذ من مواقعنا أهمية استراتيجية لمصالحكم.

إنكم لا تحسنون من ملفات حقوقية ولا تصلحون من أداء الأنظمة بحملاتكم الممنهجة والمكشوفة التي لا تجد لها أذناً صاغية بيننا، لأننا نقيس غض الطرف والتجاهل لتلك الممارسات التي تدعون محاربتها، كالإرهاب والقمع والاغتيالات لدولة تريدون أن تحتووها كإيران، مقابل العكس مع دولنا، تصرف وسلوك لكم لا يمكن تبريره ويتناقض تماماً مع دعاواكم وشعاراتكم المرفوعة، هذا التناقض يفتح ثغرة كبيرة في جدار الثقة التي بناها أجيال منا ومنكم أسست لعلاقات استراتيجية وثيقة بيننا وبينكم كدول، إنكم تفقدون الثقة عند شعوب المنطقة قبل أن تفقدوها مع الأنظمة.

تباكيكم يصبح مصطنعاً على ضحية علقتم بها وجعلتم من جريمتها معياراً لصلاح هذا النظام من عدمه، يقابلها سكوتكم وتغاضيكم عن مقتل عشرات من الضحايا على أيدي أعضاء البعثات الدبلوماسية في دول أخرى، وحصر مسؤولية تلك الجرائم في أفراد في دولة كإيران، مقابل تحميل دولة كالسعودية ونظامها لجريمة واحدة في موقع آخر.

هكذا تقيم شعوب المنطقة أدواتكم ومعايير حكمكم وهكذا يرون حملاتكم الممنهجة، إنهم يرونها تستهدفهم هم لا تستهدف رموز الأنظمة، خاصة حين يرون نتائج تلك الحملات في سيناريوهات فاشلة دمرت تلك الشعوب وما آلت إليه أحوالهم كما حدث في العراق!

لا يمكننا كما لا يمكنكم التقليل من أهمية التحالف الاستراتيجي بين دولكم ودول مثل المملكة العربية السعودية ومصرعلى سبيل المثال، وكنا نتأمل أن تتعزز تلك التحالفات وتقوى للفائدة المرجوة من هذا التحالف والتي تعود على شعوبنا وشعوبكم بالفائدة، ونحن هنا لا نتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية فحسب بل عن جميع الحكومات اليسارية الغربية التي تريد أن تفرض قيمها من خلال استهداف شخصيات تعتبر بالنسبة للشباب والنساء والنخب المثقفة في تلك الدول حلماً طال انتظاره، إنكم بهذا الاستهداف تغتالون حلم وطموح كل هذه الشرائح بالمقابل، لهذا أنتم بحاجة لتقييم حقيقي وواقعي لنمط تفكيرنا ومزاجنا كشعوب، والكف عن التعامل معنا وكأننا جميعاً «آلالديين».