بعد 76 عاما، من العطاء والابداع الشعري، ترجل شاعر العامية المصري عبدالرحمن الأبنودي، مخلفا وراءه أدبا شعبيا غنيا، عزف فيه باتقان على مفردتي التراث والحكايات الشعبية.
توفي الأبنودي، بعد صراع طويل مع المرض، وبعد أن شهدت القصيدة العامية على يده، مرحلة انتقالية هامة، فنجحت في فرض وجودها على الساحة الشعرية والثقافية، توجت بفوزه كأول شاعر عامية مصري بجائزة الدولة التقديرية العام 2001.
عاصر الشاعر "عبد الرحمن الأبنودي" جيل الحداثة في مصر، وشهد تحولات سياسية واجتماعية مختلفة في عهد عبد الناصر وأنور السادات، وكان شاهدا على عصر الكبار من فنانين ومطربين وشعراء ومبدعين، وقد ربطته تجربة طويلة مع الفنان عبد الحليم حافظ، وقدم له مجموعة أغان، أهلته لأن يصبح أحد علامات النضال والكفاح الوطني حيث خلق حاله من الوحدة التي جمعت بين قلوب المصريين والعرب، بالاضافة لكتابه العديد من الأغاني لعدد من المطربين الكبار منهم: محمد رشدي، فايزة أحمد، نجاة الصغيرة، شادية، صباح، ماجدة الرومى، ووردة.
كانت بدايات الأبنودي الشعرية باللهجة العامية منذ صغره، وقد نظم عددا من القصائد الوطنية، واستطاع ببراعة فائقة أن يلتقط في شعره الخواص التعبيرية البسيطة للسان أهل بيئته البسطاء في صعيد مصر، وأن يجسد أحلامهم وأمانيهم ووحدة مجتمعهم الصعيدي الذي كان المجال الحيوي الملهم لمعظم قصائده.
من أشهر أعمال الأبنودي، السيرة الهلالية التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها. ومن أشهر كتبه كتاب (أيامي الحلوة) والذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة بجريدة الأهرام تم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة، وفيه يحكي الأبنودي قصصاً وأحداثاً مختلفة من حياته في صعيد مصر، أما دواوينه الشعرية، فمن أشهرها، الأرض والعيال (1964 - 1975 - 1985)، الزحمة (1967 - 1976 - 1985)، عماليات (1968)، واشتهرت بصورة خاصة، قصيدته "يامنة"، التي يقول في احدى مقاطها "الله وشبت يا عبد الرُّحمان .. عجّزت يا واد .؟ مُسْرَعْ؟ ميتى وكيف؟ عاد اللي يعجّز في بلاده غير اللي يعجز ضيف.!! هلكوك النسوان؟ شفتك مرة في التلفزيون ومرة .. وروني صورتك في الجورنان قلت : كبر عبد الرحمان.!! أمال انا على كده مت بقى لي ميت حول.!! والله خايفة يا وليدي القعدة لتطول. مات الشيخ محمود وماتت فاطنة ابْ قنديل واتباع كرم ابْ غبّان وانا لسة حية".