وليد صبري

كشف رئيس قسم الطب الجزيئي في كلية الطب والعلوم الطبية ومدير مركز الأميرة الجوهرة البراهيم للطب الجزيئي وعلوم الموروثات والأمراض الوراثية في جامعة الخليج العربي د. معز عمر بخيت في حوار لـ"الوطن" عن أن "هناك نحو 8068 شخصاً استفادوا من خدمات المركز خلال عامي 2019، 2020"، موضحاً أن "الجوهرة البراهيم" يقدم الخدمات التشخيصية الطبية للبحرينيين والخليجيين والمقيمين"، مشيراً إلى أن "التشخيص الوراثي ما قبل الحمل وفحص الكروموسومات أبرز خدمات المركز".

وأضاف د. بخيت في حوار خص به "الوطن" أن "المركز يقوم بتطوير الأبحاث بشأن الطب الجزيئي و"الشخصي" و"النانو" و"المناعة الجزيئية""، مبيناً أن "المركز حصل على 4 براءات اختراع تتعلق بالجين "إسراء" وبروتينه وتطبيقاته المختلفة".



وفيما يتعلق بمركز الطب التجديدي، أوضح د. بخيت أن "المركز يعالج المشاكل الصحية لسكان دول الخليج"، مشيراً إلى أن "المركز يعالج السرطانات والحروق بالخلايا الجذعية والجينات". ونوه إلى أن "مركز الطب التجديدي الأحدث على مستوى الشرق الأوسط بالمواصفات والتقنية".

وتطرق د. بخيت للحديث عن جائحة "كورونا" (كوفيد19)، مبيناً أن "هناك دراسة مكثفة لـ"متلازمة ما بعد (كوفيد19)" لمعرفة الأسباب والعلاج"، لافتاً إلى أن "إصابة من بين 10 حالات "كورونا" تعاني من أعراض طويلة الأمد"، فيما شدد على ضرورة إنتاج اللقاحات الذكية من أجل مواجهة تحورات الفيروسات التاجية". وإلى نص الحوار:

* ما أبرز الخطط الاستراتيجية والدراسات والأبحاث المرتقبة المقرر مناقشتها هذا العام في المركز؟

- الخطط الاستراتيجية متعلقة بمجال عمل المركز في التشخيص حيث سنطور هذا القسم بإضافات جيدة أهمها أجهزة الجيل القادم من تحليل الجينوم البشري واستيعاب استشاري هذا النوع من التحليل والأجهزة ليستخدم في مختبرات الجينات بالمركز. في ما يتعلق بالأبحاث والبرامج الأكاديمية سيتم افتتاح مركز الطب التجديدي في مجال البحث والعلاج بالخلايا الجذعية ومحاربة الشيخوخة. كما تستمر أبحاث المركز في تخصصاته المختلفة وفي تطوير برامجه في الطب الجزيئي والطب الشخصي وطب النانو والمناعة الجزيئية في كل ما يتعلق بالأمراض السائدة في منطقة الخليج العربي. أيضاً سيقيم المركز فعاليات عبر الويب احتفاءً باليوم العالمي للأمراض النادرة في نهاية الشهر الجاري كما جرت العادة في كل عام.

* ما أبرز إنجازات المركز العلمية في عام 2020؟

- أهم الإنجازات تخرج العديد من طلبة الدراسات العليا ما بين دكتوراه في الطب الجزيئي وماجستير في الطب الشخصي وتم استيعاب العديد من الطلاب كذلك في مجال الطب التجديدي بالإضافة لماجستير الطب الشخصي والدكتوراه في الطب الجزيئي، كما نشرنا أكثر من ثلاثين بحثاً علمياً في أكبر الدوريات العالمية وشاركنا في عشرات الحملات التوعوية حول جائحة كورونا (كوفيد19)، عبر جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في المنطقة العربية وشاركنا في عشرات السمنارات والورش والمؤتمرات العالمية.

* ما أبرز الخدمات التي يقدمها المركز على مستوى البحرين والخليج؟ وهل يقدم المركز خدمات طبية للمقيمين؟

- على مستوى الخدمات التشخيصية يقدم المركز خدمات على مستوى البحرين والخليج للمواطنين والمقيمين تشمل خدمات التشخيص الوراثي لما قبل الحمل والتشخيص الجزيئي وفحص الكروموسومات في بعض حالات الحمل وتشخيص ومتابعة بعض الأورام والسرطانات وأيضا فحص الأطفال حديثي الولادة للأمراض الاستقلابية الوراثية.

* هل هناك إحصائية بعدد المستفيدين من خدمات المركز خلال عام 2019؟ وخلال عام 2020؟

* عدد المستفيدين في 2019 بلغ 3453، بينما عدد المستفيدين في 2020 كان 4615.

* كم عدد الحاصلين على الماجستير والدكتوراه من المركز خلال عام 2019؟ وخلال عام 2020؟

- عام 2019 حصل طالب على الماجستير وثلاثة على الدكتوراه وعام 2020 حصل 4 طلاب على الدكتوراه وكان من المفترض أن يناقش 4 أربعة طلاب في ماجستير الطب الشخصي والطب التجديدي لكن تأجلت المناقشات بسبب ظروف "كورونا".

* ما أبرز براءات الاختراع التي حققها المركز؟

- أربع براءات اختراع متعلقة بالجين إسراء والبروتين الخاص به وتطبيقاته المختلفة.

* ما الجديد بشأن عقار إسراء؟

- نعمل الآن مع مجموعات عمل بهولندا والسويد في اجراء التجارب الأخيرة قبل المرحلة السريرية، وهذه التجارب مهمة جداً في آلية عمل إسراء كعقار وتحديد تركيبته المستخدمة وطريقة منحه. هذه المرحلة من المفترض أن تستغرق من عام إلى ثلاثة وقد تعطلنا فيها بسبب جائحة كورونا (كوفيد19) لكننا الآن تحركنا بإيجابية في هذا الشأن. بعد ذلك تحتاج التجارب السريرية لسنوات أخرى من الصعب تحديدها لكنها قد تستمر لخمسة سنوات. بعد التجارب السريرية نستطيع أن نحدد إن كان العقار ناجحاً في إدارة جهاز المناعة بلا أعراض جانبية ليكون علاجاً شافياً بإذن الله وحينها فقط يمكن أن يطرح في الأسواق.

* ما أبرز الأمراض الوراثية التي يمكن أن تصيب الأفراد؟ وما أخطرها على الإطلاق؟

- هناك الآلاف من الأمراض الوراثية التي تصيب الناس وتعتمد خطورتها على التركيبة البيولوجية للفرد وعلى نوع الخلايا والأنسجة المصابة وتأثيرها على الجهاز الفعال مثل الجهاز العصبي وغيره وهذا ما يحدد خطورتها لكننا لا نستطيع أن نقول هذا أخطر مرض وراثي، لكن نستطيع من خلال عمل سجلات وإحصائيات دقيقة أن نعرف المرض الوراثي الشائع ومدى انتشاره وخطورته على المجتمع.

* ما آخر التطورات بشأن الطب التجديدي؟ وماذا عن مركز الطب التجديدي للعلاج بالخلايا الجذعية والجينات؟

- جامعة الخليج العربي ومركز الأميرة الجوهرة يجهزان لمركز حديث للطب التجديدي يشمل العلاج بالخلايا الجذعية والعلاج بالجينات. المركز سيكون من أحدث المراكز على مستوى الشرق الأوسط من ناحية المواصفات والتقنية، والمعايير الموضوعة للمركز تعد أعلى من بعض المراكز المشابهة في نيويورك وفي أوروبا وأمريكا.

وقد تم شراء الدفعة الأولى من الأجهزة الطبية التي تعمل بالروبوت وستصل البحرين قريباً بإذن الله. سيقوم المركز بإنتاج العلاجات بالخلايا الجذعية والطب التجديدي والعلاج الجيني التي يتم اعتمادها من قبل الهيئات العالمية للدواء والغذاء، مثل العلاجات بالخلايا الجذعية لبعض أنواع سرطانات الدم وأيضاً العلاجات لتصنيع الجلد لمعالجة الحروق والإصابات وأيضاً نسعى لكي نبدأ العلاجات الخلوية المتقدمة باستخدام التعديل الجيني مثل علاجات "كار تي" وغيرها وسيكون تركيز المركز على المشكلات الصحية التي يعاني منها سكان دول الخليج والتي لا يمكن علاجها بالطرق التقليدية. باختصار تركيزنا سيكون على الجيل القادم من العلاجات التي تعتمد على التركيب الجيني للشخص وعلى تجديد الأنسجة المصابة أو تعديلها.

* ما الجديد بشأن علاج مرض التصلب اللويحي؟

- مرض التصلب اللويحي المتعدد ينتج من هجوم جهاز المناعة على بروتينات الأغشية المسؤولة عن توصيل الإشارات العصبية في الخلية العصبية مما يؤدي إلى تعطيل وظيفة تلك الخلية سواء كانت وظيفة حركية أو حسية أو متعلقة بوظائف الدماغ مثل النظر عبر إصابة العصب البصري أو مراكز التوازن أو الإحساس وغيرها. هجوم جهاز المناعة يؤدي إلى التهابات حادة في الأعصاب وهو ما يعرف بالهجمة أو الانتكاسة، ثم يستعيد جهاز المناعة توازنه إما تلقائياً عبر إدارته الداخلية أو عبر تدخل طبي بحقن مضادات الالتهابات مثل الكورتيزون. عندما تتكرر هذه الهجمات تتآكل الأغشية حول الخلية العصبية والتي بعد ذلك تضمر ويقل حجمها وتتأثر وظائفها كثيراً. لذلك تتركز العلاجات الجديدة على عقاقير بيولوجية تنظم جهاز المناعة حتى لا يهاجم الخلايا العصبية وذلك بإزالة الخلايا التي تتعرف على بروتينات الأغشية التي تغلف الخلايا العصبية والعمل على إنتاج خلايا جديدة سليمة. والآن هناك محاولات سريرية واعدة لدمج عمل هذه العقاقير مع العلاج بالخلايا الجذعية.

* ما آخر التطورات بشأن دراسات المركز حول تحويل الإنسولين من إبر إلى حبوب باستخدام "النانو"؟ ومتى يتم تفعيل الدراسات إلى واقع عملي بحيث يستخدمه المرضى؟

- لقد قمنا بتصنيع تركيبة جديدة من الإنسولين تعتمد على تكنولوجيا النانو. تهدف التركيبة الجديدة لحماية هرمون الإنسولين من التكسير عند مروره خلال المعدة. حيث تقوم بحمايته من أنزيمات المعدة وحامض الهيدروكليك.

نجحت التركيبة الجديدة في تخفيض معدل السكر بالدم في الفئران المصابة بداء السكري وذلك باستعمالها خلال الفم وتم نشر البحث في مجلة عالمية متخصصة فى مجال الأدوية بعد تحكيمه من محكمين دوليين خبراء في هذا المجال. التركيبة نجحت على المستوى البحثي بكفاءة وهذا أقصي ما يمكن تحقيقه في المجال الأكاديمي. عملية تحويل هذا البحث الى دواء هي عملية اخرى تتطلب استثمارات مالية وشركات ادوية وتراخيص من جهات حكومية وتسويق وخلافه وهنا يبرز دور التعاون بين الجامعات الأكاديمية والشركات المتخصصة في هذا المجال. ونحن ندعو ونرحب بمثل هذا الشراكة في مركز الأميرة الجوهرة.

* ما أحدث الدراسات العلمية والطبية بشأن الجينات البشرية؟

- علم الجينات البشرية تطور تطوراً سريعاً ومتقدماً خاصة في مجال تحرير الحامض النووي وعلاج عدد من الأمراض الوراثية عن طريق علاج الجينات وأيضاً علاج عدد من الأمراض المستعصية بعقاقير موجهة لطفرات جينية تسبب المرض خاصة في مجال السرطان وبعض الأمراض الوراثية الأخرى.

* هل لنا أن نتطرق إلى الجينوم البشري؟ وما أهميته العلمية؟

- تطور علم الجينوم البشري والاكتشافات المستجدة في علم البروتينات حقق تقدماً سريعاً في مجال الرعاية الصحية، وإلى تطور في وصف التركيب الجيني، والوراثي، والسريري لكل شخص، والمعلومات البيئية له. وساعد هذا التقدم العلماء والأطباء في تطوير وسائل التشخيص المستهدفة والنهج العلاجي لتحقيق تشخيص أكثر تحكماً من خلال تحديد احتمالات مرض الفرد والاستجابة للعلاج. هذا التطور في الآونة الأخيرة أدى إلى توجه في مجال العلوم الطبية يعنى بالرعاية الصحية الموجه لفرد معين أو مجتمع محدد بحسب الظروف والبيئة الخاصة للفرد أو المجتمع، ويطلق على هذا التوجه الطب الشخصي ومن أهم فوائده أنه يؤدي إلى تحجيم العلاج المتكرر والحد من الآثار الجانبية للأدوية وكذلك الوقاية من المرض، أو توقع حدوثه مبكراً مما يتيح إمكانية التدخل المبكر والتقليل من تكاليف الرعاية الصحية على الدولة وعلى الفرد.

وقد ساعد تطور علم الجينوم على دراسة الأمراض المعقدة المكونة من جينات متعددة ومتأثرة بالعوامل البيئية المتفاعلة مع الجينات البشرية مثل السرطان وأمراض القلب والأمراض العصبية والسمنة ومرض السكر، وهي أمراض أخذت تشكل عبئاً كبيراً على دول مجلس التعاون الخليجي. ونتيجة لتطور العلوم التي بالجينوم البشري والطب الشخصي نشأت الحاجة إلى التدريب المهني للأطباء، وخريجي العلوم والفنيين الذين يسعون إلى الحصول على مهن في هذا المجال وخصوصاً علم الجينوم وعلم الصيدلة السريرية.

* كم يبلغ عدد منتسبي المركز؟

- 30 من الباحثين والأساتذة والفنيين والإداريين.

* ماذا عن نسبة الإقبال على المركز خلال جائحة "كورونا"؟

- ظلت كما هي قبل جائحة "كورونا" عدا الشهر الأول في مارس تقريباً.

* هل أثرت جائحة "كورونا" على عمل المركز؟ وكيف استطاع المركز تجاوز الأزمة؟

- لم يتأثر العمل بالمركز بسبب جائحة "كورونا" وظل مفتوحاً بعد اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية اللازمة وتنظيم العمل.

* ما تفسيركم العلمي لفيروس "كورونا" المتحور؟ وكيف يمكن السيطرة عليه ومكافحته؟

- كل فيروسات المجموعة التاجية والتي تتكون من الحامض الرايبوزي RNA هي كثيرة التحور أثناء نسخ الفيروس عند دخوله الخلية البشرية بواسطة إنزيمات الخلية وفي أحيان كثيرة يصحح الفيروس التحورات الجديدة حتى لا تؤثر على تركيبته البروتينية، فالحامض الرايبوزي يمثل الشفرة الوراثية للفيروس. وكلما يمر الفيروس عبر بيئات بشرية مختلفة بسبب الاختلاط يتم التحور بسبب الأخطاء التي تحث في نسخه. لذلك تتم السيطرة عليه ومكافحته عبر الإجراءات الاحترازية ومنع انتقال الفايروس بين الأفراد والمجتمعات.

* كيف تعمل اللقاحات ضد تحورات الفيروس؟

- اللقاحات موجهة ضد مكونات الأشواك الخارجية للفيروس والمناعة الناتجة منها تغطي كل مكونات تلك البروتينات. وعندما تحدث تحورات في الحامض الرايبوزي الحامل لجزء من شفرة تلك البروتينات يتغير جزء صغير من البروتين الخارجي بينما تظل بقية تكويتات البروتين ثابتة فتهاجمها الأجسام المضادة مهما تحور الفيروس إلا إذا تغيرت تلك البروتينات تماما فهنا نحتاج لتعديل اللقاح.

* ما المقصود باللقاحات الذكية؟ وهل نحن في حاجة ماسة إليها؟

- اللقاحات الذكية هي لقاحات الجيل القادم التي تعتمد على تقنية الحامض الرايبوزي والجينات التي تحمل شفرات البروتينات التي تشكل بنية الفيروس والتي تترجمها أنزيمات الخلية ومن ثم تحولها لأحماض أمينية يتعرف عليها جهاز المناعة لإنتاج أجسام مضادة مع مناعة خلوية متخصصة وذاكرة مناعية. هناك أيضاً تقنية جديدة تعرف بالبروتيوميكس تستخدم في صناعة لقاحات عبر وحدات جزيئية من البروتينات الخاصة بالفيروس يتم تركيبها بهذه التقنية لصناعة لقاحات ذكية. المجتمعات في حاجة إليها لمواجهة أي جائحة تحدث لا قدر الله بالسرعة المطلوبة وعدم الاعتماد على التقنيات التقليدية القديمة التي قد لا تناسب التحورات السريعة التي تحدث هذا الوقت مع الفيروسات خاصة التاجية. فالعلماء يرجحون انتشار سلالات متعددة لفيروسات "كورونا" في المستقبل حيث إن الخفافيش وبعض الثدييات تمتلئ بهذا النوع من الفيروسات التي قد تتحور وتسبب جوائح جديدة وهو ما شجعهم على البدء في تجريب لقاح عام وذكي للفيروسات التاجية والذي كانت له نتائج واعدة في حيوانات التجارب لكنه يتطلب الكثير من الدعم المادي والتعاون العلمي والمجهودات المشتركة.

* بعض المتعافين من "كورونا" تظهر عليهم أعراض مرضية بعد عدة أشهر دون معرفة الأسباب.. إلى أي مدى تتفقون مع هذا الطرح؟ وما السبب في ذلك؟

- نعم هذا أمر تمت ملاحظته وقد زارني مريض على الأقل في عيادتي بسبب هذه الأعراض وأطلق عليها "متلازمة ما بعد كوفيد 19"، "Post Covd-19 Syndrome"، وهي تحت دراسة مكثفة لمعرفة الأسباب وإمكانية العلاج.

* حالة إصابة واحدة بـ"كورونا" من بين 10 حالات قد تعاني من أعراض طويلة الأمد بعد فترة من الإصابة.. ما رأيكم في ذلك؟

- هذه تعتمد على الاستجابة المناعية لدى البعض وتأثر جزء من أنسجة الجسم بعاصفة السيتوكينات وما تسببه من ضرر لخلايا تلك الأنسجة وبالتالي بعض أجهزة الجسم قد تعاني من اعتلالات طويلة الأمد بعد فترة من الإصابة.