الصواريخ التي تلقى على الرياض يومياً وحصار مأرب والصواريخ التي تطلق على القاعدة الأمريكية في العراق، هم قنبلة إيران الباليستية، وهي أمر واقع معايش وأسقط قتلى لهم أسماء وعناوين، أما قنبلتها النووية فهي لم تُصنع بَعد.

كتب عبدالوهاب بدرخان مقالاً بعنوان «لكن ما العمل مع المليشيات الإيرانية» ذكر فيه أنه «كيف يمكن للولايات المتحدة وسائر الدول الكبرى أن تكرّر تجربة اتفاق جديد لـ «تعطيل» قنبلة نووية غير موجودة، لتتعامل بعده مع إيران كدولة «طبيعية» يمكن عقد صفقات معها، من دون النظر إلى القنبلة الأخرى التي خرّبت أربع دول عربية ولا تزال قادرة على المزيد». «المشكلة الحقيقية لدى الديموقراطيين أنهم لم يعترفوا يوماً بأن التفاوض لمنع إيران من حيازة قنبلة نووية شكّل غطاءً لبنائها قنبلةً أخرى لا تقلّ خطراً عن الأولى، وهي ميليشياتها المشحونة مذهبياً والمزوّدة بأسلحة متطورة والحاصلة أخيراً على صواريخ بالستية وصواريخ ذكية. إذا لم تتم مواجهة «القنبلتين» معاً وفي وقت واحد فإن إيران لن تجد صعوبة في التخلّي عن قنبلة ذرّية سبق أن وافقت على تأجيلها ولم تحصل عليها بعد، مقابل أن تحتفظ بقنبلتها الميليشيوية التي حقّقت وتحقّق لها معظم أهدافها ولم يسبق أن تعرّضت لأي مساءلة مباشرة بسببها، وإن كانت ميليشياتها نفسها غدت تحت العقوبات ومصنّفة إرهابية في معظم أنحاء العالم». انتهى.

هذا ما ذكرته في مقال سابق حول أهمية الملف النووي وملف المليشيات بالنسبة لإيران، فالنووي يأتي في المرتبة الثانية والأقل خطورة، وهوملف أعدته إيران ليكون ورقة مفاوضات تستخدمها لإشغال العالم بها، ونجحت في إقناع اليسار الغربي بأن هذا الملف هو العقدة الإيرانية مع المجتمع الدولي، في حين أن مليشياتها وسلاحهم الإيراني هو مشروعها الأهم وهو ما تعتمد عليه إيران في مد نفوذها للبحر الأبيض والأحمر.

ما يحدث الآن في اليمن والتصعيد تجاه الرياض وحصار مأرب وما يحدث في العراق وفي سوريا ولبنان هو سباق مع الزمن بين إيران وبين المفاوضين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تراها إيران في أضعف حالاتها، إيران ترى أمامها أضعف إدارة ممكن أن تتعامل معها وتستغلها لمد نفوذها، وترى في الإدارة الأمريكية الجديدة أفضل منشغل بالنووي عن أمر مليشياتها، فتنتهز الفرصة لتعزيز وتقوية وتمدد قنبلتها المليشاوية فيموت بالصواريخ الإيرانية أضعاف ما قد يموت في أي قنبلة نووية لم تُصنع بَعد.إيران تقتل يومياً العشرات في عدة دول. وتهدد الأمن في المياه الإقليمية يومياً دونما حاجة لقنبلتها النووية.

وفي الحين الذي يغض الطرف عن قنبلتها الحقيقية بانتظار موافقتها للجلوس للتفاوض على قنبلة لم تُصنع بَعد، أي مسخرة هذه وأي مسرحية هذه التي نشهد النسخة الجديدة منها بعد أن فشلت النسخة الأولى.