اعتبرا خبراء عراقيون كلمة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، بالقصر الرئاسي، خارطة طريق للقوى السياسية من أجل سلام العراق.

وأشار الخبراء في تصريحات لـ "العين الإخبارية" إلى أن خطاب قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، حمل بين طياته ألما كبيراً لما تعيشه الأقليات الدينية من أعمال اضطهاد طوال السنوات الماضية التي أعقبت العزو الأمريكي عام 2003.



وألقى البابا فرانسيس في العاصمة بغداد، كلمة أمام رئيس الجمهورية وعدد من القوى السياسية، شدد خلالها على ضرورة العمل من أجل السلام، ونبذ التطرف تجنباً للويلات التي عاشتها المكونات الاجتماعية في العراق.

أخطاء الماضي

وقال المحلل السياسي، نوزاد الحكيم، إن خطاب قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، الأول في العراق كان مؤلماً وغائصاً بالجراح بعد إشارته للمجازر التي حدثت بحق بعض الأقليات بدوافع التطرف والكره، مشيرا إلى أن البابا بذلك حذر من تكرار أخطاء الماضي التي تقف وراء تلك الجرائم وهجرة الكثير من الأقليات لمناطقها.

وأضاف نوزاد أن خطاب البابا فرنسيس، تطرق أيضا إلى التشديد على ضرورة المثابرة من أجل بناء العراق، والمجتمع بعيداً عن التفضيلات الشخصية والرغبات الجانبية التي قد تطغى على المصالح الوطنية والعامة.

وشدد الخبير العراقي إلى أن ما تطرق له بابا الفاتيكان في أول خطاباته بالعراق، يدل بوضوح على أنه يلم بمجريات الأحداث في العراق، وأسباب أزماته المتراكمة طيلة العقدين الأخيرين، وظهر ذلك جليا من خلال الجملة التي اطلقها "فلتصمت الأسلحة".

الأكاديمية والناشطة في حقوق الإنسان، سهاد محمد تتفق مع نوزاد الحكيم، بأن كلمات البابا تحمل بين طياتها الكثير من الألم لما حل بالعراق.

وقالت لـ "العين الإخبارية" إن الزيارة إلى العراق بطبيعتها تشير لحجم المشاكل الكبيرة التي استدعت زيارة بابا الفاتيكان أرض العراق، وبالتالي فأن خطابه وفيض الكلمات التي قالها جاءت في سياق الظرف العام ومستوى التحديات الداخلية أو الخارجية ".

تحديات كبيرة

تعلق الناشطة سهاد محمد، على مفردات ظهرت في خطاب قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، من بينها الوئام والمحبة والبناء والتصالح، التي تشير جميعها إلى أن المصائب والويلات الاجتماعية وحتى السياسية منها في العراق جاءت على وقع عياب تلك المفاهيم وجلوس مصطلحات الدم والتفرقة والكره بدلاً عنها .

وتستدرك، "زيارة البابا استهدفت وبشكل واضح وصريح كسر الإرادات المريضة والغاطسة بالتطرف لتي صنعت مجازر الإيزيديات والتركمانيات في شمال العراق بعد سيطرة داعش، وكذلك هجرة الأقليات من بقية المكونات الأخرى جراء عمليات تهدف لقلب التربة المجتمعية وزرعها بنوع جيني واحد".

ويرى المحلل السياسي غازي فيصل، أنه لا سبيل للتراجع عن تقديم القيم السامية والنبيلة في العراق، وإلا نحن أمام مجازر إنسانية أروع مما حصل ومخاطر تطرف أكبر.

وتابع: "كلمات البابا كانت بمثابة مفاتيح حلول لأزمات متراكبة ومعقدة في العراق ولا ينقصها سوى النوايا الحقيقية الجادة للمضي بعمليات الإصلاح والبناء".

ويشير فيصل خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "خطاب البابا أحاط بكل أوجه التعقيدات والمشكلات التي جعلت من العراق ساحة للصراع الإقليمي والدولي وأفرغت خزائنه".

وأضاف أن "القوى السياسية مطالبة بشكل أكبر وبدون أعذار وحجج، بتقديم المصلحة الوطنية على مفردات الحزب والطائفة والعرق والدين في ظل ذلك التطور التاريخي المتمثل بزيارة البابا إلى العراق".

جلب انتباه العالم

يرى الكاتب والصحفي، حمزة مصطفى، أن "العراق بعد تاريخ هذه الزيارة يجب أن يكون مختلفاً عما كان عليه قبل ذلك الموعد العالمي المهم".

ويوضح خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "وصول قداسة الحبر الأعظم إلى العراق في ظل التحديات الكبيرة من جائحة كورونا واشتداد هجمات قوى المليشيات وتهديدات داعش، يجب أن تؤخذ بمحمل الجد والتكليف الحقيقي الذي يعبر بشكل واقعي على الأرض، بأننا على قدر تلك الزيارة وأهمية توقيتاتها".

وأضاف، "الزيارة التاريخية فرصة لجلب انتباه العالم لما يحصل في العراق، وكذلك فرصة للحصول على قبول دولي أكبر بعد أن أضعفتنا الصراعات الطائفية والأثنية وجعلت من البلاد ساحة مغلقة يعبث فيها النزاع السياسي والتدافع الحزبي".

ووصل قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، ظهر اليوم الجمعة إلى بغداد، في زيارة تاريخية هي الأولى من نوعها إلى العراق، وكان في استقبال البابا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وسط احتفاء وترحيب كبيرين، قبل أن ينتقل إلى القصر الرئاسي ببغداد، ومراسيم استقباله من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح.