وصلنا للفضاء والذكاء الاصطناعي وعالم الروبوت وتغيرت حياتنا وما زالت تتغير يوماً بعد يوم، تطورت جميع العلوم ومنها بطبيعة الحال علوم الإدارة ونظريات القيادة، ولكن ربما كل هذا التحول والتطور لا يمس بعض العقول التي مهما بلغ مستواها العلمي إلا أنها تبقى حبيسة النرجسية وحب السيطرة والتملك بعيداً عن الدرجات العلمية والمسميات التي تسبق اسمه.

يخبرني أحد الأصدقاء بأن مسؤوله خريج جامعة تعد من أعرق جامعات العالم، وحاصل على درجات علمية عالية وله أطروحات عميقة في مجاله، ولكنه عندما يتعلق الأمر بالموظفين وإدارتهم فهو غريب عجيب، فمن ممارساته الغريبة هو استماتته في محاولة إلغاء فكرة العمل عن بعد بحجة أنه لا يضمن أن يكون الموظف مستيقظاً في تمام الثامنة وبقاؤه عند جهازه حتى الثانية، وبعد فشل محاولاته أخذ بعملية مراقبة واتصالات صباحية بحجة العمل ولكن المقصد منها هي التأكد من استيقاظك فقط وإن كان لا يوجد أي عمل لديك في تلك اللحظة أو كان رتم العمل بطيئاً.

ومسؤول آخر يعطي موظفيه مشروع للعمل عليه ويتصل بهم يومياً للتأكد من أنهم مستيقظون حتى أخبره أحد أفراد الفريق بأنه لا داع لكل هذا فالمشروع مرتبط بموعد تسليم، فإن فشلنا في التسليم عند الموعد فلك كل الحق بالمحاسبة والعقاب، وهذا الأسلوب لا يجدي نفعاً مع الأطفال الآن فما بالك بموظف يبحث عن لقمة عيشه.

كثيرة هي النماذج السيئة لمن يحصلون على منصب يبحثون من خلاله عن إشباع لرغباتهم بالسيطرة حتى تتحول إلى محاولة سد نقص يعانون منه لتكون النتيجة هي فريق عمل لا يحبك ولا ينتج إلا المطلوب منه، بعكس الفريق الذي يحب المسئول المتفهم المنفتح والذي يبحث عن الإنجاز والرقي بالخدمات وتطوير مهارة الموظف وليس محاسبته فقط بل وتقديره عند أي إنجاز، فهو يرى النتيجة ولا يهمه حضورك وانصرافك بقدر ما تهمه كمية إنجازك للعمل وقدرتك على تطوير العمليات والرقي بالمنظومة التي تعمل بها.

مثل هذا المسؤول هو ما نبحث عنه للرقي بخدماتنا، من يبحث عن التطوير والإنتاج لا الحضور والبيروقراطية، عن التواضع وروح الفريق وليس القرار الواحد دون التفويض والاستشارة. متفائلون جداً بالدماء الشابة التي حصلت على الثقة الملكية بتعيينات مختلفة في مختلف الوزارات والجهات الحكومية، فبوجودهم وبقيادة سمو ولي العهد رئيس الوزراء سنشهد ثورة في العمل الحكومي برؤية ثاقبة نحو المستقبل وتحقيق للرؤية.