ما بين الغلو والتطرف والتشدد والانحلال والفساد والإسراف والتقصير يكون الاعتدال حيث الوسطية في جميع التعاملات وأمور الحياة فالوسيطة منهج فكري وسلوك للتوازن والاتزان، متى ما كان أمامنا ونصب أعيننا نكون في أمان، دائماً ما نردد عندما نلتبس في الاختيارات ونحتار في بعض الأمور بأن «خير الأمور أوسطها» فالاعتدال في سائر الأمور بمثابة البوصلة التي ترشدنا ونطمئن بها في كافة قراراتنا المصيرية والبسيطة.

أن نكون وسطيين يعني أن نكون معتدلين في الحياة غير متشددين، فمظاهر الوسطية كثيرة فالاعتدال في الدين وتنفيذ أوامر الله عز وجل كما جاء به نبينا عليه السلام ونبذ التطرف والغلو الذي لم يأمر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم واجبه، كما تكمن الوسطية في عدم الإسراف والبذخ في الترفيه الذي يغضب المولى ويكرهه الناس، والاتزان في العواطف والمشاعر تجعل المرء أقرب فيه للاستقرار من العاطفة الجياشة التي قد تهلك، يقول الإمام علي بن طالب رضى الله عنه «أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما»، والمراد هو عدم المبالغة في الحب أو البغض فالمشاعر متغلبة فلربما تتغير العواطف وينقلب من الحب إلى البغض أو من البغض والكره إلى الود فالاعتدال أوجب حتى لا يقع الإنسان في الندامة.

الرفق في التعامل والاعتدال والتيسير واجب على الجميع ورجال الدين هم أولى بذلك في اتباع الوسطية والبعد عن التشدد والخرفات، كما تدخل الوسطية في تربية الأبناء وتوجيههم للخير فالتشدد عكس الانحلال وكلاهما غير محبذين للتوازن والاعتدال في تربية عماد المستقبل.

يقول الله تعالى: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ»، فهذه الآية واضحة للارتقاء بالحياة المتوازنة السوية غير المتشددة، بين الطاعة من أجل الآخرة، والنصيب في إسعاد النفس في الدنيا، والتمتع من خلالها بما يرضي الله عز وجل.