نلاحظ أن البعض منا وإن لم يكن معظمنا، يشتكي معظم الوقت من الإرهاق والشعور بآلام غامضة في مختلف أماكن الجسم، وقد تفاقم هذا الشعور بسبب الجائحة كونها غيرت أسلوب الحياة من الطبيعي الروتيني والحركي إلى المكوث في المنزل وقتاً طويلاً، فقلت الحركة وزادت الضغوط النفسية بسبب الصدمة وتبعاتها من زيادة في التفكير واضطراب النوم، الأمر الذي زعزع سلام الجسم وصفاء الذهن فزاد الشعور بالإرهاق والتعب. والبعض منا لاحظ ذلك على نفسه أما البعض الآخر فلا يزال غارقاً في تفاصيل حياته متجاهلاً عن عمد ما يشعر به. وكان لا بد من معرفة أسباب الآلام والإرهاق عند الفئة التي تواجه الواقع بمستجداته وتأخذ بالمسببات، وبعد استشارة بعض الأطباء وعمل الفحوصات اللازمة تبين أن شريحة كبيرة منهم أصحاء وغير مصابين بأي نوع من أنواع الأمراض الشائعة والمعروفة على الرغم من شعورهم بالتعب والآلام طيلة الوقت، الأمر الذي حيرهم وحير أطباءهم. وما لا تعرفه شريحة كبيرة من الناس أن هناك مرضاً شخصه الطب البشري وأطلق عليه اسم داء "الفيبروميالجيا" الذي يعرفه الأطباء المخضرمون بـ"المرض اللص"، أو "لص الطاقة الخفي"، وهذا المرض يصعب تشخيصه بسبب عدم وجود اختبار للدم محدد لكشفه ولا حتى فحص بالأشعة المقطعية ليكشف عنه، ومرض "لص الطاقة الخفي" هو اضطراب يصيب العضلات ويسبب أعراض التعب والإرهاق العام وعدم القدرة على التركيز والانتباه، ولا يعرف الأطباء حتى الآن السبب الحقيقي للفيبروماليجيا "اللص الخفي" ولكن بعض الباحثين وجدوا أدلة تشير إلى وجود التهاب العصب أو التهاب في الدماغ يؤثر على مستقبلات الألم لتنقل هذا الألم إلى كل الجسم وفقاً لموقع "كلايفند كلينيك".

وبحسب ما جاء على لسان أحد أطباء عيادة كلايفند كلينيك الأمريكية قال: "مازلنا لا نفهم تماماً ما الذي يسبب فيبروميالجيا، لكن فحوصات الدماغ للمرضى الذين يعانون منها تظهر وجود التهاب في الأعصاب ومستقبلات الألم فى المخ يحدث بسبب صدمة نفسية شديدة أو توترات وضغوط تفوق تحمل الجسم".

وللأسف الشديد لا يوجد علاج واضح ومحدد لهذا المرض حتى يومنا هذا، وبحسب الدكتور اللبناني علي يونس الذي أعلن عن علاج محتمل له في مؤتمر دولي عام 2019، يقول: "مازال معظم الأطباء في مختلف الاختصاصات يشخصون المرض خطأً، وينسبون له أسماء مختلفة تروج في العالم دون التشخيص الحقيقي له، ولا يوجد حتى اختصاصيون أو أي أدوية لعلاجه، غير تلك التي تستعمل لتقوية جهاز المناعة، ومعظم الأطباء يعتقدون أنه اكتئاب أو أوجاع مفصلية ويصفون للمريض مضادات اكتئاب مدى الحياة من دون جدوى، لا بل يؤدي العلاج إلى التسبب في أعراض جانبية سلبية؛ إذ يضعف جهاز المناعة بدلاً من تقويته، والملاحظ أن النساء أكثر عرضة للإصابة به من الرجال".