كيف لنا أن نستثمر في المواطن؟ الموضوع معقد، يتجاوز حدود منح الفرص، ويتجاوز منح بعض الصلاحيات والمهام والمناصب، حيث إن الاستثمار في المواطن «استراتيجية» وليست «مشروعاً».

فلنبدأ من الصفر ونستذكر الكلمة التي كررت على مسامعنا كثيرا «الأسرة هي اللبنة الأساسية لبناء مجتمع ومواطن صالح» إذا نحن نتكلم في المرتبة الأولى عن أسرة سوية وآباء صالحين قادرين على صنع عائلة متماسكة، وأبناء صالحين، يعرفون حقوقهم وواجباتهم تجاه مجتمعهم.

ومن ثم نأتي إلى نظام تعليمي «متكامل»، وأقصد بالمتكامل هنا أن يكون هناك تواصل لدور الأسرة في العملية التعليمية، ووجود معلم وتربوي يجيد أبجديات صنع «المواطن الصالح»، ومقررات دراسية مبتكرة، يستفيد منها الطالب في تطوير مجتمعه، وأدوات قياس منطقية لا تعتمد الحفظ منهجاً لتبيان تفوق الطالب، وبيئة دراسية تحتضن مواهب الطلبة، وبنية تحتية قوية مستعدة للتغيرات والتطورات في المجال التعلمي والتربوي.

ولا نغفل ونحن نطوف في عملية الإصلاح أن نقف عند تأثير «دور العبادة»، لنتعرف على دورها في تغذية عقولنا وأفكارنا. ونناقش بحيادية تامة بعض المغالطات التي قد تعيق الفكر، وتبني الحواجز.

وبعد ذلك يجب أن نقف وقفة جادة على دور مؤسسات المجتمع المدني في «الاستثمار في المواطن»، فهل لهذا القطاع الهام والحيوي دور في المجتمع؟ أم إنه مازال يتعكز على الحكومة من خلال برامج الدعم!! وهل يقدم هذا القطاع خدمات للمجتمع يساهم من خلالها في استراتيجية «الاستثمار في المواطن»، أم إن الموجود عبارة عن جمعيات «خاملة» لا تقبل التفاعل.

ويجب كذلك أن نفتح الملفات بكل شفافية بين التعليم العالي ومخرجات السوق.. فهل العلوم والتخصصات الحالية هي ما يحتاجها سوق العمل؟؟!! ومن بعدها نناقش معايير وآليات التوظيف، ونحدد معنى الكفاءة والتنافسية، ونجعلها البوصلة نحو الوصول إلى الوظيفة!! وننتقل بعدها مباشرة لآليات التطوير الوظيفي وبرامجه، فنزيح الأسقف الوظيفية التي تمنعنا من التطور، ونضع عوضا عنها برامج تطويرية لكل موظف، لضمان تطور الموظف وزيادة إنتاجيته.

وفي أحد المحطات الرئيسية يجب أن نضع الأهداف والغايات، فالمجتهدون يبحثون عن هدف وغاية، يبحثون عن خارطة طريق توصلهم لتحقيق الإنجازات. إن الاستثمار في المواطن استراتيجية معقدة، تحتاج إلى أن يقوم كل فرد منا بدوره فيها بشكل يضمن وصولنا لمجتمع سليم، مجتمع آمن، متطور ومبتكر.

* رأيي المتواضع:

في كلمة سامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في عام 2001، حمل صاحب الجلالة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مسؤولية تبني تطلعات الشباب قائلاً جلالته نصاً: «متطلعين إلى المزيد من مساهمة شباب البحرين الذين يسعدنا أن يمثل تطلعاتهم النبيلة ولي عهدنا صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة»، وها نحن نرى ولي العهد رئيس الوزراء يعتز بثقة جلالة الملك المفدى ويعاهد جلالته بحمل المسؤولية ومواصلة العمل على نهج جلالته، مفتخراً بالكفاءات الوطنية التي بات شعارها حب التحدي وعشق الإنجاز.