ما كان صعبا طوال عشرات السنين، تمكنت من القيام به مذيعة تلفزيون عربية مسلمة، ربما لأول مرة ومن حيث لا تدري، وهي أنها وحّدت مشاعر الإسرائيليين والفلسطينيين معا، إلى درجة أنهم شعروا بغيظ مشترك في نفوسهم.. منها وبسببها.
الإسرائيليون غاضبون من مشاركة لوسي هريش، المولودة قبل 34 سنة في مدينة "ديمونا" بالجنوب الإسرائيلي، باحتفالات أطلقتها إسرائيل لمناسبة مرور 67 سنة على "استقلالها" عبر حملها أمس الأربعاء لشعلة أوقدت نارها هي بالذات، وهو حلم "لا يستحقه إلا من قام بعمل مميز لإسرائيل"، بحسب ما تذكر صحافتها، لأنه يكسبه مكانة واحتراماً، فواحد من 13 تم اختيارهم لحمل المشاعل معها هو البريغادير احتياط داني غولد، رئيس طاقم تطوير منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ.
أما غضب الفلسطينيين فبديهي ومعروف، وهو مشاركة فتاة منهم بأكبر مناسبة سنوية تبهج ألد الأعداء، لأن "الاستقلال" الإسرائيلي أكبر نكبة حلت في العصر الحديث بالعرب، إضافة إلى أن هريش المذيعة في محطة دولية أسستها إسرائيل في 2013 وتبث بالإنجليزية والعربية والفرنسية، كما في القناة الثانية الإسرائيلية، بكت على الشاشة، وفقاً للصورة التي تنشرت، من إهانة كبيرة وجهها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى أكثر من خمس سكان إسرائيل في 17 مارس الماضي.
في ذلك اليوم الذي جرت فيه الانتخابات العامة، شحن نتنياهو الإسرائيليين بخوف حملهم على الإسراع للتصويت لحزبه "الليكود" حين صرح بأن "العرب يتدفّقون إلى صناديق الاقتراع"، وفي الليلة نفسها بكت هريش قائلة: "لا يمكن أن يحرّض رئيس الحكومة ضدّ 20% من مواطنيه"، مشيرة إلى نسبة اتضح من معطيات دائرة الإحصاء في تل أبيب عشية الاحتفال أمس الأربعاء بتأسيس إسرائيل أنها 20.7 % وتمثل مليونا و730 ألفا، فيما اليهود 6 ملايين و251 ألف نسمة، والباقي من ديانات أخرى.