شابة موهوبة أبحرت في عالم الرسم ونقلت صورة جميلة مبدعة من خلال رسم ما تراه من حولها بنظرتها الخاصة، فهي لن تتنازل عن حلمها مهما كانت بدايته ومهما تكررت العثرات.

الرسامة فاطمة حسن فنانة تهوى الفن والإبداع بموهبة كبيرة، حيث تقول لـ «الوطن»: «إن الفن عبارة عن حلم وموهبة وصبر وإن عدم التراجع هو أحد أسباب الوصول إلى القمة لمواصلة الطريق، لقد أبدعت في تجسيد اللوحات الفنية باستعمال الفحم وغايتها نقل الصورة بطرق جميلة ومبدعة عبر الإبحار الدائم في المخيلة».. وفيما يأتي نص اللقاء:

لكل موهوب بداية يظهر بها ملامح إبداعاته، متى كانت بدايتك؟



- بدايتي كانت في عمر الخامسة حين أكملت أول لوحة فنية في حياتي، عندما حملت تلك الورقة الملونة وأسرعت بها إلى أمي، حيث لاحظت انبهارها مما صنعت أنامل ابنتها الناعمة.

مازلت أتذكر نظرات أمي حين رسمت رسمتي الأولى، إذ استمرت أمي في تشجيعي إلى درجة أنها كانت تطلب مني الرسم على جدران بيتنا القديمة لمنحها حياة من نوع آخر، وإلى درجة أن أعواد الفحم أصبحت لا تفارقني حتى أصبحت لا أنفك عن الشخبطات في كل أرجاء المنزل والمكافأة هي تباهي أمي بتلك الشخبطات أمام الضيوف بقولها هذا فن ابنتي، وذلك أهم وأجمل حافز بالنسبة إلي. واصلت الرسم الكرتوني ورسم البورتريه وكنت أتمتع بخيال واسع حتى أصبحت أرسم على الأخشاب بالألوان، إلى درجة أنني أصبحت أشعر بالحياة أكثر كلما مسكت قلمي.

ما سر اختلاف لوحاتك عن باقي أشكال الرسم؟ وماذا تقصدين بتلك الطريقة التي ترسمين بها شخصياتك؟

- كل إبداع مختلف عن الآخر اختلافاً تاماً، من الممكن أن يتشابه في النمط ولكن لا بد من وجود الاختلاف نتيجة الإبداع واختلاف الأفكار والمجالات، والاختلاف هنا يعني التميز عن إبداع الآخرين تماماً، أحب أن أشبه ذلك باختلاف بصمة الإصبع التي لا تماثلها أي بصمة أخرى بالعالم، كل إنسان قادر على أن ينجز ويبدع، ليست الغاية من الرسم في أن تنقل صور الأشياء فحسب، بل أنت تمنح تلك الصور نوعاً من الجمال، وتجعلها تنطق بالحياة والحركة، فلا تتسرع في استعمال يديك قبل عقلك، كون عقلك قد يساعد عينيك على تفهم حقيقة الأمور وسر تكوينها.

هل صحيح أن على الفنان البدء بالمدرسة الواقعية كونها أساسية لتكوين اللوحة؟ مع العلم أن بعض الموهوبين من الفنانين التشكيليين لم يتعلموا الرسم؟

- أولاً للفن مدارس كثيره منها المدرسة الواقعية التي ظهرت في فرنسا في فترة الخمسينيات من القرن التاسع عشر حيث ركز الرسامون فيها على تصوير الحياة اليومية بصدق دون أن يدخل ذواتهم في الموضوع، كان الرسام يتجرد من خياله وأحاسيسه في نقله للصورة، إذ تنطلق هذه المدرسة من الواقع الذي نعيشه لتصوير الصراعات القائمة، كانت بمقام الكاميرا في زماننا الحالي إذ الاعتماد على الرسامين في التوثيق، الموهبة اختصار لـ30% من مسيرة الفنان، ولكن دون التدريب والتعلم والممارسة لن يستطيع تقوية وإبراز الموهبة كما ينبغي وفي المكان الصحيح، ليس من الضروري أن تخضع لتدريب تحت أيدي فلاسفة فنيين، ولكن لا بد من أن تمنح نفسك التدريب الخاص، وبمقدور كل فنان ابتكار مدرسته الخاصة دون التقيد أو الانتماء، فالفن فطرة أنت تهذبها وترشدها لما تريد منها أن تكون.

هل بالإمكان أن يكون الرسم مصدر الرزق الأساسي للرسامين؟

- لا بد من السعي في الرسم وإبراز الموهبة للاعتماد عليها كمصدر رزق، وذلك يتطلب مجهوداً كبيراً من الفنان بحيث سيخضع لما يطلبه الجمهور، والسؤال هو كيف تربح المال من موهبتك؟ الرسم يعتبر حرفة يدوية كالنحت والحدادة والبناء وعمل الخزفيات أو الأواني، لا بد للرسام من أن يرسم لوحات تلفت الأنظار باختلافها وإبداعها، مع التركيز على ما يتناسب مع الطابع العام للمجتمع، والتركيز على منصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تربط الجميع وتشكل مصدراً للرزق في ذات الوقت، ولكن إذا أردت الاعتماد عليه كمصدر رزق أساسي فيجب أن يكون لديك مجتمع يقدر الموهبة والثقافة الفنية، لقد شاركت في العديد من المعارض المحلية، وأعمد لبيع لوحاتي في داخل وخارج البحرين وبالأخص دول الخليج.

أبرز عقبات الفن والفنانين؟

-‏‏ الهزيمة ممنوعة، اخترت أن أكون فنانة مميزة خارجة عن الطبيعة، قد أفشل بعض الأحيان في إنتاج اللوحات، وقد أرمي الألوان أكثر مما استخدم وكل تجربة فاشلة هي خطوة للنجاح، وأكبر التحديات هي أن أكون غداً أفضل مما أنا عليه اليوم، بداخلي شيء يدفعني للمواصلة.

بالنسبة إلي، فإن نشر الثقافة الفنية وتنمية من هم حولي من المواهب وتشجيعهم هو أمر مهم، وكوني مدربة معتمدة أعمل في الوقت الحاضر على تدريب الرسم للرسامين والمبتدئين والمهتمين للفن وتطوير مهارات الموهوبين وإرشادهم إلى أفضل الطرق لتطوير مستوياتهم الفنية، وأعمل جاهدة على مواكبة المسارات الفنية المستمرة. تغير مسمى الفن في نظري من «فن المهنة» إلى «مهنة الفن».

ورغم كل الصعوبات التي تواجه الفنان فإنه يراها حياة ممتعة بين الرسم والألوان وطموح الاحتراف مستمر، ومستقبلاً أسعى لنشر الثقافة الفنية بكل الإمكانات المتاحة وطموحي يدفعني للاحتراف في هذا المجال. من أبرز الصعوبات لدى البعض «جائحة كورونا» التي أثارت الرعب في قلوب الجميع، لست أحد المتضررين، العزلة والهدوء قريبة لقلب الفنان، حين فرض الحجر كنت أوزع الحب فوق الفحم على لوحاتي، ولكوني فنانة لا بد من البحث عن نقطه بيضاء لموازنة سواد هذه الجائحة، عملت أول ورشة تدريبية إلكترونية قدمتها عبر السوشال ميديا للتدريب خلف الأجهزة.

لقد اعتبرت كورونا أمراً إيجابياً حيث ارتقت نظرة الناس للفن، وأصبح منفذ تعبيري للكثيرين، اكتشفت من حولي كثيراً من المواهب حينها، والجدير بالذكر أن المتدربين كانوا من جميع الأعمار، وهذا مؤشر إيجابي قوي لانتشار الوعي الفني والثقافي.