نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، عن مصادر لم تسمها، قولها إن إيران لم تتعافَ بعد من الانفجار المدمر الذي وقع، في يوليو الماضي 2020، في منشأة "نطنز" النووية، وهو ما يتعارض مع تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي صدر الثلاثاء الماضي، وأفاد بأن طهران حققت تقدماً كبيراً في تخصيب اليورانيوم بأجهزة طرد مركزي متطورة.

كان تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي نقلته وكالة رويترز، ذكر أن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم في منشأة "نطنز" الجديدة تحت الأرض باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتطورة "أي آر-4"، إذ بدأت تغذية مجموعة من 174 جهاز طرد مركزي من هذا الطراز، بسادس فلوريد اليورانيوم (UF6) الطبيعي، وهو شكل اليورانيوم الذي يتم تغذيته في أجهزة الطرد المركزي للتخصيب، ومن المقرر تركيب مجموعة ثانية من أجهزة الطرد المركزي من الطراز ذاته، قريباً.

وأشارت الصحيفة، إلى أن هذا الأمر "قد يكون مهماً للغاية، لأن معظم أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، حتى الآن، من طراز (أي آر-1) الأكثر بطأً، إلى جانب عدد أقل من أجهزة (أي آر-2)".



وأضافت: "يمكن لأجهزة الطرد المركزي (أي آر-4) الأكثر تطوراً تقصير الجدول الزمني لامتلاك سلاح نووي، كما أن وجود هذه الأدوات تحت الأرض يمكن أن يعقد، أو يعوق تماماً، قدرة جيش الدفاع الإسرائيلي على مهاجمتها في المستقبل".

وقالت المصادر، بحسب الصحيفة، إن "إيران لم تتعافَ بعد بشكل كامل من الانفجار الذي وقع في الثاني من يوليو الماضي، في بناية فوق الأرض في منشأة (نطنز)"، وتمثل هذه البناية الموقع الرئيس لتجميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة مثل "أي آر-4" و"أي أر-6"، وهو الانفجار الذي نُسب إلى الموساد الإسرائيلي.

واعتبر مسؤولو الدفاع، والخبراء النوويون الإسرائيليون، أن "الانفجار من شأنه أن يعيد برنامج أجهزة الطرد المركزي المتقدمة الإيرانية، عاماً أو عامين إلى الوراء".

لا إنتاج جديداً

وقال رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، ديفيد أولبرايت، إنه حتى لو حققت إيران تعافياً جزئياً منذ وقوع الانفجار، إلا أن الإيرانيين لا يزالون يفتقرون للقدرة على إنتاج أجهزة طرد مركزي متقدمة على نطاق واسع.

وأضاف: "أجهزة الطرد المركزي تعكس الإنتاج الموجود فعلياً، أو ربما الإضافي المحدود للغاية، لكن لا يوجد إنتاج حقيقي جديد، ومن دون طاقة إنتاج ضخمة، ليس من الواضح ما إذا كانت إيران ستتمكن من الالتزام بالموعد النهائي الذي أعلنته لتشغيل 1000 جهاز طرد مركزي متقدم بحلول ديسمبر المقبل، على الرغم من أن بعض التقارير أشارت إلى أن الموعد النهائي كان في مارس الجاري، وتم تجاوزه نهاية الأسبوع الماضي".

تحذير

في المقابل، حث المسؤول السابق بوكالة الطاقة الذرية، والزميل في "مركز ستيمسون"، أولي هاينونين، على ضرورة توخي الحذر، بقوله: "لقد أدى تدمير المنشأة الموجودة فوق الأرض إلى تأخير برنامج (أي آر-6) بشكل خاص، لكن إيران تمتلك على الأرجح معدات مهمة لتجميع أجهزة الطرد المركزي".

وأضاف: "لا أعتقد أنهم يضعون كل البيض في سلة واحدة عندما يتعلق الأمر بالمحافظة على قدرات التصنيع الحاسمة، ومثال ذلك ما حدث بعد عام 2004، عندما بنت إيران عملاً موازياً لمنشأة (فوردو) في (نطنز)".

تل أبيب لن تتسامح

وأكدت المصادر، أن أنشطة إسرائيل لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي، لن تتوقف، وأنه لا يوجد أي موقع، قديم أو جديد، ينعم بالأمان.

وسبق أن قالت الصحيفة، في سبتمبر الماضي، إن هدف الهجوم كان "إرسال رسالة رادعة وواضحة وعلنية بأن تل أبيب لن تتسامح مع أي تقدم صوب امتلاك سلاح نووي يتجاوز خطوطاً حمراء بعينها".

وقالت الصحيفة: "مع ذلك، لا تبدو هذه الأرقام أقل تقدماً مقارنة بما كان من الممكن أن تكون عليه إيران الآن لو لم يحدث الانفجار فحسب، وإنما أيضاً أقل تقدماً بكثير مما كانت عليه البلاد في يوليو 2020"، كما أشار مسؤولو الدفاع.

وأشار مسؤولو المخابرات، إلى أن تدمير منشأة "نطنز" القديمة ألحق أضراراً نفسية بالغة بقيادات إيران، وقد يساعد في ردعهم عن تجاوز خطوط حمراء معينة نحو امتلاك قدرة نووية، حتى لا يثيروا ضدهم تحركاً إسرائيلياً مضاداً.

ولفتت الصحيفة، إلى أن صور الأقمار الصناعية التي التقطت في غضون أيام، كشفت أن تداعيات التفجيرات كانت أخطر بكثير مما ادعى النظام الإيراني، على الرغم من محاولات طهران التقليل من شأن التفجيرات في بداية الأمر.