نعت الأوساط التشكيلية والثقافية العراقية، الفنان الكبير "محمد مهر الدين" الذي توفي، الجمعة، في العاصمة الاردنية عمان، بعد معاناة طويلة مع المرض، عن عمر ناهز ال77 عاما.
ويعد الفنان الراحل من أبرز التشكيليين العراقيين في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، حيث عرف عنه حرصه على ابراز الجانب الانساني في أعماله كلها مع تركيزه على اغتراب الانسان الروحي في عالم المادة، مثلما عرف عنه انه أول من أدخل مواد مختلفة وأساليب وتقنيات جديدة في رسم اللوحة.
ولد محمد مهر الدين في محافظة البصرة عام 1938، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، أحبّ الرسم في سنوات طفولته، وكان لأستاذ الرسم في المدرس الابتدائية فرج عريبي الفضل في اكتشاف موهبته وتشجيعه على دراسة الفن، فانتقل إلى بغداد عام 1956 لدراسة الفن التشكيلي في معهد الفنون الجميلة وأكمل دراسته فيه عام 1959.
يذكر مهر الدين أن مواضيع رسوماته الأولية كانت نابعة من واقع البيئة البصرية والتراث العراقي، لكنه بدأ يتناول مواضيع إنسانية مع دخوله معهد الفنون الجميلة، ما أهله للمشاركة للمرة الأولى في معرض جمعية الفنانين ببغداد في عام 1959.
تأثّر بالمدرستين البولندية والاسبانية
أكمل الراحل دراسته العليا في بولندا، وبالتحديد في أكاديمية الفنون الجميلة في وارشو التي حصل منها على شهادة الماجستير في الرسم والكرافيك، فتأثر برواد الحركة التشكيلية في بولندا واسبانيا، ويصف الراحل مرحلة الدراسة في بولندا بالغنية لأن الحركة الفنية في هذه البلاد خلال مدة ستينات القرن الماضي كانت نشطة، وشهدت تقدماً وتطوراً في مجالات الفن المختلفة. وحينما عاد الى بغداد اقام اول معرض شخصي له عام 1965، فيما عمل مدرساً لمادة الفن في معهد الفنون الجميلة ببغداد لسنوات طويلة.
وحصل الفنان محمد مهر الدين على جوائز عدة خلال مسيرته الفنية منها الجائزة التقديرية في المرتبة الثانية في بينالي الفنون في أنقرة عام 1986، والجائزة الأولى في مهرجان الفنون الثاني في بغداد عام 1988، وجائزة تقديرية عام 1993 في بينالي الفن الآسيوي بنغلاديش، والجائزة الوطنية للإبداع في بغداد عام 1998، وحقق مهر الدين ثلاث جداريات رسم كبيرة في مطاري بغداد والبصرة، وساحة الاحتفالات في العاصمة بغداد.
وبرحيل مهر الدين، تكون الحركة التشكيلية العراقية والعربية قد خسرت واحدا من اهم فرسانها، فيما يؤكد الكثيرون ان ما تركه الراحل يمثل ارثاً وطنياً كبيراً وثروة لا تقدر بثمن لأنه فنان لامس الموضوعات الخطرة وأفصح عن رأيه بكل جرأة وشجاعة واستطاع النطق بما لم يستطعه أحد غيره، آخذاً بنظر الاعتبار قيمة البحث عن جديد يدخل في باب الحداثة وانجز للفن العراقي المعاصر اروع نفائسه الثمينة.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}